للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

جَرِيرٍ نَصٌّ فِي مَوْضِعِ النِّزَاعِ، وَالْقَدْحُ فِي جَرِيرٍ بِأَنَّهُ فَارَقَ عَلِيًّا مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ لَمْ يُفَارِقْهُ، وَإِنَّمَا احْتَبَسَ عَنْهُ بَعْدَ إرْسَالِهِ إلَى مُعَاوِيَةَ لِأَعْذَارٍ. عَلَى أَنَّهُ قَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْوَزِيرُ الْإِجْمَاعَ عَلَى قَبُولِ رِوَايَةِ فَاسِقِ التَّأْوِيلِ فِي عَوَاصِمِهِ وَقَوَاصِمِهِ مِنْ عَشَرِ طُرُقٍ، وَنَقَلَ الْإِجْمَاعَ أَيْضًا مِنْ طُرُقِ أَكَابِرِ أَئِمَّةِ الْآلِ وَأَتْبَاعِهِمْ عَلَى قَبُولِ رِوَايَةِ الصَّحَابَةِ قَبْلَ الْفِتْنَةِ وَبَعْدَهَا، فَالِاسْتِرْوَاحُ إلَى الْخُلُوصِ عَنْ أَحَادِيثِ الْمَسْحِ بِالْقَدْحِ فِي ذَلِكَ الصَّحَابِيِّ الْجَلِيلِ بِذَلِكَ الْأَمْرِ مِمَّا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْعِتْرَةِ وَأَتْبَاعِهِمْ وَسَائِرِ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ.

وَصَرَّحَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ آيَةَ الْمَائِدَةِ نَزَلَتْ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ وَحَدِيثَ الْمُغِيرَةِ الَّذِي تَقَدَّمَ وَسَيَأْتِي كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَتَبُوكُ مُتَأَخِّرَةٌ بِالِاتِّفَاقِ.

وَقَدْ صَرَّحَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ بِأَنَّ حَدِيثَ الْمُغِيرَةِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَقَدْ ذَكَرَ الْبَزَّارُ أَنَّ حَدِيثَ الْمُغِيرَةِ هَذَا رَوَاهُ عَنْهُ سِتُّونَ رَجُلًا. وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الْمَقَامِ مَانِعًا مِنْ دَعْوَى النَّسْخِ لَمْ يَتَنَبَّهْ لَهُ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْت، وَهُوَ أَنَّ الْوُضُوءَ ثَابِتٌ قَبْلَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ بِالِاتِّفَاقِ، فَإِنْ كَانَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ ثَابِتًا قَبْلَ نُزُولِهَا فَوُرُودُهَا بِتَقْرِيرِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ أَعْنِي الْغُسْلَ - مَعَ عَدَمِ التَّعَرُّضِ لِلْآخَرِ وَهُوَ الْمَسْحُ لَا يُوجِبُ نَسْخَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ لَا سِيَّمَا إذَا صَحَّ مَا قَالَهُ الْبَعْضُ مِنْ أَنَّ قِرَاءَةَ الْجَرِّ فِي قَوْلِهِ فِي الْآيَةِ {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: ٦] مُرَادٌ بِهَا مَسْحُ الْخُفَّيْنِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَسْحُ غَيْرُ ثَابِتٍ قَبْلَ نُزُولِهَا فَلَا نَسْخَ بِالْقَطْعِ. نَعَمْ، يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ: إنَّ الْأَمْرَ بِالْغَسْلِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، وَالْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ مِنْ أَضْدَادِ الْغَسْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ، لَكِنْ كَوْنُ الْأَمْرِ بِالشَّيْءِ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ مَحَلُّ نِزَاعٍ وَاخْتِلَافٍ، وَكَذَلِكَ كَوْنُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ضِدًّا لِلْغَسْلِ، وَمَا كَانَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ حَقِيقٌ بِأَنْ لَا يُعَوَّلَ عَلَيْهِ لَا سِيَّمَا فِي إبْطَالِ مِثْلِ هَذِهِ السُّنَّةِ الَّتِي سَطَعَتْ أَنْوَارُ شُمُوسِهَا فِي سَمَاءِ الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ.

وَالْعَقَبَةُ الْكَئُودُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نِسْبَةُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ إجْزَاءِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ إلَى جَمِيعِ الْعِتْرَةِ الْمُطَهَّرَةِ، كَمَا فَعَلَهُ الْإِمَامُ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ، وَلَكِنَّهُ يَهُونُ الْخَطْبُ بِأَنَّ إمَامَهُمْ وَسَيِّدَهُمْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ مِنْ الْقَائِلِينَ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَأَيْضًا هُوَ إجْمَاعٌ ظَنِّيٌّ، وَقَدْ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ مِنْهُمْ: الْإِمَامُ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ بِأَنَّهَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ. وَأَيْضًا فَالْحُجَّةُ إجْمَاعُ جَمِيعِهِمْ، وَقَدْ تَفَرَّقُوا فِي الْبَسِيطَةِ، وَسَكَنُوا الْأَقَالِيمَ الْمُتَبَاعِدَةَ، وَتَمَذْهَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَذْهَبِ أَهْلِ بَلَدِهِ، فَمَعْرِفَةُ إجْمَاعِهِمْ فِي جَانِبِ التَّعَذُّرِ.

وَأَيْضًا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُصَنِّفِ مَا وَرَدَ عَلَى إجْمَاعِ الْأُمَّةِ مِنْ الْإِيرَادَاتِ الَّتِي لَا يَكَادُ يَنْتَهِضُ مَعَهَا لِلْحُجِّيَّةِ بَعْدَ تَسْلِيمِ إمْكَانِهِ وَوُقُوعِهِ. وَانْتِفَاءُ حُجِّيَّةِ الْأَعَمِّ يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ حُجِّيَّةِ الْأَخَصِّ. وَلِلْمَسْحِ شُرُوطٌ وَصِفَاتٌ، وَفِي وَقْتِهِ اخْتِلَافٌ، وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - جَمِيعَ ذَلِكَ وَالْخُفُّ نَعْلٌ مِنْ أَدَمٍ يُغَطِّي الْكَعْبَيْنِ وَالْجُرْمُوقُ أَكْبَرُ مِنْهُ يُلْبَسُ فَوْقَهُ، وَالْجَوْرَبُ أَكْبَرُ مِنْ الْجُرْمُوقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>