. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
الْفُرُوجَ) أَيْ أَحَقُّ الشُّرُوطِ بِالْوَفَاءِ شُرُوطُ النِّكَاحِ لِأَنَّ أَمْرَهُ أَحْوَطُ وَبَابَهُ أَضْيَقُ قَالَ الْخَطَّابِيِّ: الشُّرُوطُ فِي النِّكَاحِ مُخْتَلِفَةٌ، فَمِنْهَا: مَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ اتِّفَاقًا وَهُوَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ إمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ، وَعَلَيْهِ حَمَلَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ وَمِنْهَا: مَا لَا يُوَفَّى بِهِ اتِّفَاقًا كَسُؤَالِ الْمَرْأَةِ طَلَاقَ أُخْتِهَا
وَمِنْهَا: مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ كَاشْتِرَاطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا يَتَسَرَّى أَوْ لَا يَنْقُلَهَا مِنْ مَنْزِلِهَا إلَى مَنْزِلِهِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: الشُّرُوطُ فِي النِّكَاحِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: مِنْهَا مَا يَرْجِعُ إلَى الصَّدَاقِ فَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ؛ وَمَا يَكُونُ خَارِجًا عَنْهُ فَيَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِيهِ قَوْلُهُ: (نَهَى أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ) قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ النِّكَاحِ قَوْلُهُ: (أَنْ يَبِيعَ عَلَى بَيْعِهِ) قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ قَوْلُهُ: (وَلَا تَسْأَلُ طَلَاقَ أُخْتِهَا) ظَاهِرُ هَذَا التَّحْرِيمُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَبَبٌ يُجَوِّزُ ذَلِكَ لِرِيبَةٍ فِي الْمَرْأَةِ لَا يَنْبَغِي مَعَهَا أَنْ تَسْتَمِرَّ فِي عِصْمَةِ الزَّوْجِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ النَّصِيحَةِ الْمَحْضَةِ أَوْ لِضَرَرٍ يَحْصُلُ لَهَا مِنْ الزَّوْجِ أَوْ لِلزَّوْجِ مِنْهَا، أَوْ يَكُونُ سُؤَالُهَا ذَلِكَ تَفْوِيضًا وَلِلزَّوْجِ رَغْبَةٌ فِي ذَلِكَ، فَيَكُونُ كَالْخُلْعِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَقَاصِدِ الْمُخْتَلِفَةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: حَمَلَ الْعُلَمَاءُ هَذَا النَّهْيَ عَلَى النَّدْبِ، فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَفْسَخْ النِّكَاحَ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ بَطَّالٍ بِأَنَّ نَفْيَ الْحِلِّ صَرِيحٌ فِي التَّحْرِيمِ وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ فَسْخُ النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا فِيهِ التَّغْلِيظُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَسْأَلَ طَلَاقَ الْأُخْرَى وَلْتَرْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهَا، وَالتَّصْرِيحُ بِنَفْيِ الْحِلِّ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ، وَوَقَعَ أَيْضًا فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: قَوْلُهُ: (لِتَكْتَفِئَ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْأُولَى وَسُكُونِ الْكَافِ مِنْ كَفَأْتُ الْإِنَاءَ: إذَا قَلَبْتُهُ وَأَفْرَغْتُ مَا فِيهِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: " لِتَسْتَفْرِغَ مَا فِي صَحْفَتِهَا " وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: " تَكَفَّأَ " وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ بِلَفْظِ: «لَا يَصْلُحُ لِامْرَأَةٍ أَنْ تَشْتَرِطَ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَكْتَفِئَ إنَاءَهَا» وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَقَالَ: " لِتَكْتَفِئَ " وَكَذَا الْبَيْهَقِيُّ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْكَافِ وَبِالْهَمْزَةِ
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: " لِتُكْفِئَ " بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ مِنْ أَكْفَأَتْهُ بِمَعْنَى أَمَالَتْهُ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: مَا فِي صَحْفَتِهَا " مَا يَحْصُلُ لَهَا مِنْ الزَّوْجِ، وَكَذَلِكَ مَعْنَى " أَوْ إنَائِهَا " قَوْلُهُ: (طَلَاقَ أُخْتِهَا) قَالَ الثَّوْرِيُّ: مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ نَهْيُ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ أَنْ تَسْأَلَ رَجُلًا طَلَاقَ زَوْجَتِهِ وَأَنْ يَتَزَوَّجَهَا هِيَ، فَيَصِيرَ لَهَا مِنْ نَفَقَتِهِ وَمَعُونَتِهِ وَمُعَاشَرَتِهِ مَا كَانَ لِلْمُطَلَّقَةِ، فَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: " لِتُكْفِئَ مَا فِي صَحْفَتِهَا " وَالْمُرَادُ بِأُخْتِهَا: غَيْرُهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ أُخْتَهَا مِنْ النَّسَبِ أَوْ الرَّضَاعِ أَوْ الدِّينِ وَحَمَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْأُخْتَ هُنَا عَلَى الضَّرَّةِ وَمِنْ الشُّرُوطِ الَّتِي هِيَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ النِّكَاحِ وَمَقَاصِدِهِ: شَرْطُهَا عَلَيْهِ الْعِشْرَةَ بِالْمَعْرُوفِ وَالْإِنْفَاقَ وَالْكِسْوَةَ وَالسُّكْنَى وَأَنْ لَا يُقَصِّرَ فِي شَيْءٍ مِنْ حَقِّهَا مِنْ قِسْمَةٍ وَنَحْوِهَا، وَشَرْطُهُ عَلَيْهَا أَنْ لَا تَخْرُجَ إلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تَمْنَعَهُ نَفْسَهَا وَلَا تَتَصَرَّفَ فِي مَتَاعِهِ إلَّا بِرِضَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute