بَابُ نِكَاحِ الزَّانِي وَالزَّانِيَةِ
٢٧٠١ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الزَّانِي الْمَجْلُودُ لَا يَنْكِحُ إلَّا مِثْلَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد) .
ــ
[نيل الأوطار]
وَأَمَّا الشُّرُوطُ الَّتِي تُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ كَأَنْ تَشْرِطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَقْسِمَ لِضَرَّتِهَا أَوْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا أَوْ لَا يَتَسَرَّى، أَوْ يُطَلِّقَ مَنْ كَانَتْ تَحْتَهُ؛ فَلَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَيَصِحُّ النِّكَاحُ
وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيِّ بَطَلَ النِّكَاحُ وَقَالَ أَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ: يَجِبُ الْوَفَاءُ بِالشُّرُوطِ مُطْلَقًا وَقَدْ اسْتَشْكَلَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ حَمْلَ الْحَدِيثِ عَلَى الشُّرُوطِ الَّتِي هِيَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ النِّكَاحِ وَقَالَ: تِلْكَ الْأُمُورُ لَا تُؤَثِّرُ الشُّرُوطُ فِي إيجَادِهَا، وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي الْوَفَاءَ بِهَا، وَالشُّرُوطُ الَّتِي هِيَ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ مُسْتَوِيَةٌ فِي وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِهَا وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي اشْتِرَاطِ الْمَرْأَةِ أَنْ لَا يُخْرِجُهَا زَوْجُهَا مِنْ بَلَدِهَا فَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الصَّحَابَةِ، قَالَ: وَمِنْهُمْ عُمَرُ، أَنَّهُ يَلْزَمُ، قَالَ: وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ
وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ: " أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَشُرِطَ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ دَارِهَا، فَارْتَفَعُوا إلَى عُمَرَ فَوَضَعَ الشَّرْطَ وَقَالَ: الْمَرْأَةُ مَعَ زَوْجِهَا " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: تَضَادَّتْ الرِّوَايَاتُ عَنْ عُمَرَ فِي هَذَا وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: سَبَقَ شَرْطُ اللَّهِ شَرْطَهَا، قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَبَعْضِ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ قَالَ بِقَوْلِ عُمَرَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَمِنْ التَّابِعِينَ طَاوُسٌ وَأَبُو الشَّعْثَاءِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَقَالَ اللَّيْثُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْجُمْهُورُ بِقَوْلِ عَلِيٍّ، حَتَّى لَوْ كَانَ صَدَاقُ مِثْلِهَا مِائَةً مَثَلًا فَرَضِيَتْ بِخَمْسِينَ عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا فَلَهُ إخْرَاجُهَا وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْمُسَمَّى وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا نَقَصَتْ لَهُ مِنْ الصَّدَاقِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَصِحُّ النِّكَاحُ وَيُلْغَى الشَّرْطُ وَيَلْزَمُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَعَنْهُ يَصِحُّ وَتَسْتَحِقُّ الْكُلَّ، كَذَا فِي الْفَتْحِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَاَلَّذِي نَأْخُذُ بِهِ أَنَّا نَأْمُرُهُ بِالْوَفَاءِ بِشَرْطِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ نَحْكُمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ قَالَ: وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا لَوْ اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَأَهَا لَمْ يَجِبْ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ، فَكَذَلِكَ هَذَا، وَمِمَّا يُقَوِّي حَمْلَ حَدِيثِ عُقْبَةَ عَلَى النَّدْبِ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ الْمُتَقَدِّمُ بِلَفْظِ: «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ» وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا حَدِيثُ: «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ، إلَّا شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ
عَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ أُمَّ مُبَشِّرٍ بِنْتَ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ فَقَالَتْ: إنِّي شَرَطْتُ لِزَوْجِي أَنْ لَا أَتَزَوَّجَ بَعْدَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute