للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ النَّهْيِ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا الْجَمْعَ بَيْنَ الْقَرَابَةِ

٢٧٠٤ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ وَفِي رِوَايَةٍ: «نَهَى أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيَّ وَلِأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مِثْلَ اللَّفْظِ الْأَوَّلِ) .

ــ

[نيل الأوطار]

يَتَزَوَّجَ بِالزَّانِيَةِ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْمُقْبِلِيُّ فِي الْمَنَارِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ لِقَوْلِهِ: " لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ " الزِّنَى، بَلْ عَدَمُ نُفُورِهَا عَنْ الرِّيبَةِ، فَقَصْرٌ لِلَّفْظِ الْمُحْتَمِلِ عَلَى أَحَدِ الْمُحْتَمَلَاتِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يُنْزَلَ تَرْكُ اسْتِفْصَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ مُرَادِهِ بِقَوْلِهِ «لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ» مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْعَرَبَ تُكَنِّي بِمِثْلِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ عَنْ عَدَمِ الْعِفَّةِ وَالزِّنَى وَأَيْضًا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ مِنْ أَعْظَمِ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى جَوَازِ إمْسَاكِ الزَّانِيَةِ لِقَوْلِهِ فِيهِ: {إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: ١٩] فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ. . . إلَخْ، فَتَفْسِيرُ حَدِيثِ: " لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ " بِغَيْرِ الزِّنَى لَا يَأْتِي بِفَائِدَةٍ بِاعْتِبَارِ مَحَلِّ النِّزَاعِ

وَقَدْ حَكَى صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْأَكْثَرِ أَنَّ مَنْ زَنَتْ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهَا وَحُكِيَ أَيْضًا عَنْ الْمُؤَيَّدِ بِاَللَّهِ أَنَّهُ يَجِبُ تَطْلِيقُهَا مَا لَمْ تَتُبْ قَوْلُهُ: (أَنَّ مَرْثَدَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ بَعْدَهَا دَالٌ مُهْمَلَةٌ وَالْغَنَوِيُّ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَهَا نُونٌ مَفْتُوحَةٌ نِسْبَةً إلَى غَنِيٍّ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَكَسْرِ النُّونِ، وَهُوَ غَنِيُّ بْنُ يَعْصُرَ، وَيُقَالُ: أَعْصَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ عَيْلَانَ وَعَنَاقٌ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَبَعْدَهَا نُونٌ وَبَعْدَ الْأَلِفِ قَافٌ قَالَ الْمُنْذِرِيّ: وَلِلْعُلَمَاءِ فِي الْآيَةِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْآيَةِ: الْقَوْلُ فِيهَا كَمَا قَالَ سَعِيدٌ إنَّهَا مَنْسُوخَةٌ وَقَالَ غَيْرُهُ: النَّاسِخُ: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: ٣٢] فَدَخَلَتْ الزَّانِيَةُ فِي أَيَامَى الْمُسْلِمِينَ، وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ: مَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَلِغَيْرِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَالثَّانِي: أَنَّ النِّكَاحَ هَهُنَا الْوَطْءُ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الزَّانِيَ لَا يُطَاوِعُهُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُشَارِكُهُ فِي مُرَادِهِ إلَّا زَانِيَةٌ مِثْلُهُ أَوْ مُشْرِكَةٌ لَا تُحَرِّمُ الزِّنَى، وَتَمَامُ الْفَائِدَةِ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٣] يَعْنِي الَّذِينَ امْتَثَلُوا الْأَوَامِرَ وَاجْتَنَبُوا النَّوَاهِيَ الثَّالِثُ: أَنَّ الزَّانِيَ الْمَجْلُودَ لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً مَجْلُودَةً أَوْ مُشْرِكَةً، وَكَذَلِكَ الزَّانِيَةُ

الرَّابِعُ: أَنَّ هَذَا كَانَ فِي نِسْوَةٍ كَانَ الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ إحْدَاهُنَّ عَلَى أَنْ تُنْفِقَ عَلَيْهِ مِمَّا كَسَبَتْهُ مِنْ الزِّنَى، وَاحْتُجَّ بِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ الْخَامِسُ: أَنَّهُ عَامٌّ فِي تَحْرِيمِ نِكَاحِ الزَّانِيَةِ عَلَى الْعَفِيفِ وَالْعَفِيفِ عَلَى الزَّانِيَةِ انْتَهَى

<<  <  ج: ص:  >  >>