. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
رَقَبَةَ الْحُرِّ لَا تُمْلَكُ. قَوْلُهُ: (فَقَامَ رَجُلٌ) قَالَ الْحَافِظُ: لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ: " فَقَامَ رَجُلٌ أَحْسِبُهُ مِنْ الْأَنْصَارِ ". قَوْلُهُ: (وَلَوْ خَاتَمًا) فِي رِوَايَةٍ: " وَلَوْ خَاتَمٌ " بِالرَّفْعِ عَلَى تَقْدِيرٍ حَصَلَ. وَلَوْ فِي قَوْلِهِ: " وَلَوْ خَاتَمًا " تَعْلِيلِيَّةٌ. قَالَ عِيَاضٌ: وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ خِلَافَ ذَلِكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ سَهْلٍ: «زَوَّجَ رَجُلًا بِخَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ فَصُّهُ فِضَّةٌ» . قَوْلُهُ: (هَلْ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ شَيْءٌ؟) الْمُرَادُ بِالْمَعِيَّةِ هُنَا: الْحِفْظُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ. وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ: " أَتَقْرَؤُهُنَّ عَلَى ظَهْرِ قَلْبِكَ " بَعْدَ قَوْلِهِ: " مَعِي سُورَةُ كَذَا وَمَعِي سُورَةُ كَذَا " وَكَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِلَفْظِ: " قَالَ: عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ ".
قَوْلُهُ: (سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا) وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: " سُورَةُ الْبَقَرَةِ أَوْ الَّتِي تَلِيهَا " كَذَا عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ. وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: " نَعَمْ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَسُورَةٌ مِنْ الْمُفَصَّلِ " وَفِي حَدِيثِ ضُمَيْرَةَ: «زَوَّجَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا عَلَى سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ» وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ: «زَوَّجَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا مِنْ الصَّحَابَةِ امْرَأَةً عَلَى سُورَةٍ مِنْ الْمُفَصَّلِ جَعَلَهَا مَهْرًا وَأَدْخَلَهَا عَلَيْهِ، وَقَالَ: عَلِّمْهَا» ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «فَعَلِّمْهَا عِشْرِينَ آيَةً وَهِيَ امْرَأَتُكَ» ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أُزَوِّجُهَا مِنْك عَلَى أَنْ تُعَلِّمَهَا أَرْبَعَ أَوْ خَمْسَ سُوَرٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ» وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ: «هَلْ تَقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ، إنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ، قَالَ: أَصْدِقْهَا إيَّاهَا» .
قَالَ الْحَافِظُ: وَيُجْمَعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بِأَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ حَفِظَ مَا لَمْ يَحْفَظْ بَعْضٌ، أَوْ أَنَّ الْقِصَصَ مُتَعَدِّدَةٌ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ جَعْلِ الْمَنْفَعَةِ صَدَاقًا وَلَوْ كَانَتْ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ. قَالَ الْمَازِرِيُّ: هَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الْبَاءَ لِلتَّعْوِيضِ كَقَوْلِكَ: بِعْتُكَ ثَوْبِي بِدِينَارٍ، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَإِلَّا لَوْ كَانَتْ بِمَعْنَى اللَّامِ عَلَى مَعْنَى تَكَرُّمِهِ لِكَوْنِهِ حَامِلًا لِلْقُرْآنِ لَصَارَتْ الْمَرْأَةُ بِمَعْنَى الْمَوْهُوبَةِ، وَالْمَوْهُوبَةُ خَاصَّةٌ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ وَالْأَبْهَرِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِأَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِذَلِكَ الرَّجُلِ لِكَوْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْوَاهِبَةِ، فَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ إنْكَاحُهَا مَنْ شَاءَ بِغَيْرِ صَدَاقٍ. وَاحْتَجُّوا عَلَى هَذَا بِمُرْسَلِ أَبِي النُّعْمَانِ الْمَذْكُورِ لِقَوْلِهِ فِيهِ: " لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ بَعْدَكَ مَهْرًا ". وَأُجِيبَ عَنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ إرْسَالِهِ وَجَهَالَةِ بَعْضِ رِجَالِ إسْنَادِهِ. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ مَكْحُولٍ قَالَ: لَيْسَ هَذَا لِأَحَدٍ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَأَخْرَجَ أَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ نَحْوَهُ
، وَلَا حُجَّةَ فِي أَقْوَالِ التَّابِعِينَ. قَالَ عِيَاضٌ: يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ: " بِمَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ " وَجْهَيْنِ أَظْهَرْهُمَا: أَنْ يُعَلِّمَهَا مَا مَعَهُ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ مِقْدَارًا مُعَيَّنًا مِنْهُ وَيَكُونَ ذَلِكَ صَدَاقَهَا، وَقَدْ جَاءَ هَذَا التَّفْسِيرُ عَنْ مَالِكٍ. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ الصَّحِيحَةِ: فَعَلِّمْهَا مِنْ الْقُرْآنِ، وَعَيَّنَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِقْدَارَ مَا يُعَلِّمُهَا وَهُوَ عِشْرُونَ آيَةً. وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ بِمَعْنَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute