للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

وَالرِّجَالِ. وَأَمَّا الشَّعْرُ الطَّاهِرُ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ وَلَا سَيِّدٌ فَهُوَ حَرَامٌ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: لَا يَجُوزُ لِظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ وَالثَّانِي: يَجُوزُ، وَأَصَحُّهَا عِنْدَهُمْ: إنْ فَعَلَتْهُ بِإِذْنِ الزَّوْجِ أَوْ السَّيِّدِ جَازَ وَإِلَّا فَهُوَ حَرَامٌ انْتَهَى. وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ مَالِكٌ وَالطَّبَرِيُّ وَكَثِيرُونَ أَوْ الْأَكْثَرُونَ: الْوَصْلُ مَمْنُوعٌ بِكُلِّ شَيْءٍ، سَوَاءٌ وَصَلَتْهُ بِشَعْرٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ خِرَقٍ. وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَجَرَ أَنْ تَصِلَ الْمَرْأَةُ بِرَأْسِهَا شَيْئًا» . وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: النَّهْيُ مُخْتَصٌّ بِالْوَصْلِ بِالشَّعْرِ، وَلَا بَأْسَ بِوَصْلِهِ بِصُوفٍ وَخِرَقٍ وَغَيْرِهِمَا.

وَقَالَ الْإِمَامُ الْمَهْدِيُّ: إنْ وُصِلَ شَعْرُ النِّسَاءِ. بِشَعْرِ الْغَنَمِ لَا وَجْهَ لِتَحْرِيمِهِ. وَيَرُدُّهُ عُمُومُ حَدِيثِ جَابِرٍ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِلشَّعْرِ وَالصُّوفِ وَالْوَبَرِ وَغَيْرِهَا. وَحَكَى النَّوَوِيُّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْوَصْلُ مُطْلَقًا، قَالَ: وَلَا يَصِحُّ عَنْهَا بَلْ الصَّحِيحُ عَنْهَا كَقَوْلِ الْجُمْهُورِ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: فَأَمَّا رَبْطُ خُيُوطِ الْحَرِيرِ الْمُلَوَّنَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يُشْبِهُ الشَّعْرَ فَلَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَصْلٍ وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى مَقْصُودِ الْوَصْلِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِلتَّجَمُّلِ وَالتَّحْسِينِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ تَخْصِيصَ عُمُومِ حَدِيثِ جَابِرٍ لَا يَكُونُ إلَّا بِدَلِيلٍ، فَمَا هُوَ؟ وَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ إلَى جَوَازِ الْوَصْلِ بِشَعْرِ الْمَحْرَمِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ تَحْرِيمَ مُطْلَقِ الْوَصْلِ يَسْتَلْزِمُ تَحْرِيمَ الْوَصْلِ بِشَعْرِ الْمَحْرَمِ.

وَكَذَلِكَ عُمُومُ حَدِيثِ جَابِرٍ وَحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ الْإِمَامُ يَحْيَى: إنَّمَا يَحْرُمُ غَيْرُ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ. وَيُجَابُ عَنْهُ بِحَدِيثِ أَسْمَاءَ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ الْوَصْلَ فِيهِ لِلْعَرُوسِ وَلَمْ يُجِزْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَأَمَّا الْوَشْمُ فَهُوَ حَرَامٌ أَيْضًا لِمَا تَقَدَّمَ. قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: هَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي وُشِمَ يَصِيرُ نَجِسًا، فَإِنْ أَمْكَنَ إزَالَتُهُ بِالْعِلَاجِ وَجَبَ إزَالَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا بِالْجَرْحِ، فَإِنْ خَافَتْ مِنْهُ التَّلَفَ أَوْ فَوَاتَ عُضْوٍ أَوْ مَنْفَعَتِهِ أَوْ شَيْئًا فَاحِشًا فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ لَمْ تَجِبْ إزَالَتُهُ، وَإِذَا تَابَتْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهَا إثْمٌ، وَإِنْ لَمْ تَخَفْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَنَحْوِهِ لَزِمَهَا إزَالَتُهُ، وَتَعْصِي بِتَأْخِيرِهِ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كُلِّهِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ. قَوْلُهُ: (" وَالْمُتَنَمِّصَاتُ ") بِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ ثُمَّ النُّونِ ثُمَّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ مُتَنَمِّصَةٍ، وَهَذِهِ الَّتِي تَسْتَدْعِي نَتْفَ الشَّعْرِ مِنْ وَجْهِهَا، وَيُرْوَى بِتَقْدِيمِ النُّونِ عَلَى التَّاءِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالْمَشْهُورُ تَأْخِيرُهَا، وَالنَّامِصَةُ: الْمُزِيلَةُ لَهُ مِنْ نَفْسِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَهُوَ حَرَامٌ.

قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ: إلَّا إذَا نَبَتَ لِلْمَرْأَةِ لِحْيَةٌ أَوْ شَوَارِبُ فَلَا تَحْرُمُ إزَالَتُهَا بَلْ تُسْتَحَبُّ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ. لَا يَجُوزُ حَلْقُ لِحْيَتِهَا وَلَا عَنْفَقَتِهَا وَلَا شَارِبِهَا. قَوْلُهُ: (وَالْمُتَفَلِّجَاتُ ") بِالْفَاءِ وَالْجِيمِ جَمْعُ مُتَفَلِّجَةٍ، وَهِيَ الَّتِي تَبْرُدُ مَا بَيْنَ أَسْنَانِ الثَّنَايَا وَالرَّبَاعِيَاتِ وَهُوَ مِنْ الْفَلَجِ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَاللَّامِ: وَهُوَ الْفُرْجَةُ بَيْنَ الثَّنَايَا وَالرَّبَاعِيَاتِ، تَفْعَلُ ذَلِكَ الْعَجُوزُ وَمَنْ قَارَبَهَا فِي السِّنِّ إظْهَارًا لِلصِّغَرِ وَحُسْنِ الْأَسْنَانِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْفُرْجَةَ اللَّطِيفَةَ بَيْنَ الْأَسْنَانِ تَكُونُ لِلْبَنَاتِ الصَّغِيرَاتِ، فَإِذَا عَجَزَتْ الْمَرْأَةُ كَبِرَتْ سِنُّهَا فَتَبْرُدَهَا بِالْمِبْرَدِ لِتَصِيرَ لَطِيفَةً حَسَنَةَ الْمَنْظَرِ وَتُوهِمَ كَوْنَهَا صَغِيرَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>