٢٧٨١ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَتْ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ تَتَخَضَّبُ وَتَتَطَيَّبُ، فَتَرَكَتْهُ فَدَخَلَتْ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: أَمُشْهِدٌ أَمْ مُغِيبٌ؟ فَقَالَتْ: مُشْهِدٌ، قَالَتْ: عُثْمَانُ لَا يُرِيدُ الدُّنْيَا وَلَا يُرِيدُ النِّسَاءَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَلَقِيَ عُثْمَانَ فَقَالَ: يَا عُثْمَانُ تُؤْمِنُ بِمَا نُؤْمِنُ بِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَأُسْوَةٌ مَا لَك بِنَا» ) .
٢٧٨٢ - (وَعَنْ كَرِيمَةَ بِنْتِ هَمَّامٍ قَالَتْ: «دَخَلْت الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَأَخْلَوْهُ لِعَائِشَةَ فَسَأَلَتْهَا امْرَأَةٌ: مَا تَقُولِينَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحِنَّاءِ؟ فَقَالَتْ: كَانَ حَبِيبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْجِبُهُ
ــ
[نيل الأوطار]
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَيُقَالُ لَهُ: الْوَشْرُ، وَهَذَا الْفِعْلُ حَرَامٌ عَلَى الْفَاعِلَةِ وَالْمَفْعُولِ بِهَا. قَوْلُهُ: (" قُصَّةً ") بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الْقِطْعَةُ مِنْ الشَّعْرِ مِنْ قَصَصْتُ الشَّعْرَ: أَيْ قَطَعْتُهُ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَغَيْرُهُ: هُوَ شَعْرُ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ الْمُقْبِلِ عَلَى الْجَبْهَةِ. وَقِيلَ: شَعْرُ النَّاصِيَةِ
قَوْلُهُ: (" عَنْ مِثْلِ هَذِهِ ") أَيْ عَنْ التَّزَيُّنِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْقُصَّةِ مِنْ الشَّعْرِ. قَوْلُهُ: (إنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ. . . إلَخْ) هَذَا تَهْدِيدٌ شَدِيدٌ لِأَنَّ كَوْنَ مِثْلِ هَذَا الذَّنْبِ كَانَ سَبَبًا لِهَلَاكِ مِثْلِ تِلْكَ الْأُمَّةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَشَدِّ الذُّنُوبِ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: قِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِمْ فَعُوقِبُوا لِاسْتِعْمَالِهِ وَهَلَكُوا بِسَبَبِهِ. وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ الْهَلَاكَ كَانَ بِهِ وَبِغَيْرِهِ مِمَّا ارْتَكَبُوهُ مِنْ الْمَعَاصِي، فَعِنْدَ ظُهُورِ ذَلِكَ فِيهِمْ هَلَكُوا، وَفِيهِ مُعَاقَبَةُ الْعَامَّةِ بِظُهُورِ الْمُنْكَرِ، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: (إلَّا مِنْ دَاءٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّحْرِيمَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ لِقَصْدِ التَّحْسِينِ لَا لِدَاءٍ وَعِلَّةٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: «الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ» أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَغْيِيرُ شَيْءٍ مِنْ الْخِلْقَةِ عَنْ الصِّفَةِ الَّتِي عَلَيْهَا. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَغْيِيرُ شَيْءٍ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْمَرْأَةَ عَلَيْهِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ، الْتِمَاسًا لِلتَّحْسِينِ لِزَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهَا سِنٌّ زَائِدَةٌ أَوْ عُضْوٌ زَائِدٌ فَلَا يَجُوزُ لَهَا قَطْعُهُ وَلَا نَزْعُهُ لِأَنَّهُ مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ، وَهَكَذَا لَوْ كَانَ لَهَا أَسْنَانٌ طِوَالٌ فَأَرَادَتْ تَقْطِيعَ أَطْرَافِهَا، وَهَكَذَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَزَادَ: إلَّا أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الزَّوَائِدُ مُؤْلِمَةً وَتَتَضَرَّرَ بِهَا فَلَا بَأْسَ بِنَزْعِهَا، قِيلَ: وَهَذَا إنَّمَا هُوَ التَّغْيِيرُ الَّذِي يَكُونُ بَاقِيًا، فَأَمَّا مَا لَا يَكُونُ بَاقِيًا كَالْكُحْلِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْخِضَابَاتِ فَقَدْ أَجَازَهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ.
قَوْلُهُ: (هَذِهِ الْغَمْرَةَ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ بَعْدَهَا رَاءٌ: طِلَاءٌ مِنْ الْوَرْسِ.
وَفِي الْقَامُوسِ: فِي مَادَّةِ الْغَمْرِ، وَبِالضَّمِّ: الزَّعْفَرَانُ كَالْغُمْرَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute