للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْنُهُ، وَيَكْرَهُ رِيحَهُ وَلَيْسَ بِمُحَرَّمٍ عَلَيْكُنَّ بَيْنَ كُلِّ حَيْضَتَيْنِ أَوْ عِنْدَ كُلِّ حَيْضَةٍ» . رَوَاهُمَا أَحْمَدُ) .

٢٧٨٣ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ» وَفِي رِوَايَةٍ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُخَنَّثِينَ مِنْ الرِّجَالِ، وَالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنْ النِّسَاءِ، وَقَالَ: أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ، فَأَخْرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فُلَانَةَ، وَأَخْرَجَ عُمَرُ فُلَانًا» . رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ) .

بَابُ التَّسْمِيَةِ وَالتَّسَتُّرِ عِنْدَ الْجِمَاعِ

ــ

[نيل الأوطار]

حَدِيثُ عَائِشَةَ الْأَوَّلُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ، هَذِهِ الْمَذْكُورَةُ هُنَا أَحَدُهَا. قَالَ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: وَأَسَانِيدُ أَحْمَدَ رِجَالُهَا ثِقَاتٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَشْهَدُ لَهُ أَوَّلَ كِتَابِ النِّكَاحِ. وَحَدِيثُهَا الثَّانِي أَيْضًا تَقَدَّمَ مَا يَشْهَدُ لَهُ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ.

قَوْلُهُ: (أَمُشْهِدٌ أَمْ مُغِيبٌ) أَيْ أَزَوْجُكِ شَاهِدٌ أَمْ غَائِبٌ. وَالْمُرَادُ أَنَّ تَرْكَ الْخِضَابِ وَالطِّيبِ إنْ كَانَ لِأَجْلِ غَيْبَةِ الزَّوْجِ فَذَاكَ، وَإِنْ كَانَ لِأَمْرٍ آخَرَ مَعَ حُضُورِهِ فَمَا هُوَ؟ فَأَخْبَرَتْهَا أَنَّ زَوْجَهَا لَا حَاجَةَ لَهُ بِالنِّسَاءِ، فَهِيَ فِي حُكْمِ مَنْ لَا زَوْجَ لَهَا، وَاسْتِنْكَارُ عَائِشَةَ عَلَيْهَا تَرْكَ الْخِضَابِ وَالطِّيبِ يُشْعِرُ بِأَنَّ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ يَحْسُنُ مِنْهُنَّ التَّزَيُّنُ لِلْأَزْوَاجِ بِذَلِكَ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: «وَلَيْسَ بِمُحَرَّمٍ عَلَيْكُنَّ بَيْنَ كُلِّ حَيْضَتَيْنِ» يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالِاخْتِضَابِ بِالْحِنَّاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الْخِضَابِ فِي الطَّهَارَةِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْخِضَابُ لِلنِّسَاءِ.

قَوْلُهُ: (لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ. . . إلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الرِّجَالِ التَّشَبُّهُ بِالنِّسَاءِ، وَعَلَى النِّسَاءِ التَّشَبُّهُ بِالرِّجَالِ فِي الْكَلَامِ وَاللِّبَاسِ وَالْمَشْيِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالْمُتَرَجِّلَاتُ مِنْ النِّسَاءِ: الْمُتَشَبِّهَاتُ بِالرِّجَالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْمُخَنَّثِينَ ضَبْطًا وَتَفْسِيرًا وَذُكِرَ مَنْ أَخْرَجَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ. وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُخَنَّثٍ قَدْ خَضَّبَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ بِالْحِنَّاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا بَالُ هَذَا؟ قَالُوا: يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ، فَأَمَرَ بِهِ فَنُفِيَ إلَى النَّقِيعِ - بِالنُّونِ - فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَقْتُلُهُ، فَقَالَ: إنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْتُلَ الْمُصَلِّينَ» .

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَخْرَجَ مُخَنَّثًا، وَأَخْرَجَ عُمَرُ وَاحِدًا.

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْرَجَ الْخُنَيْثَ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>