٢٨٢٤ - (عَنْ أَنَسٍ قَالَ: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ «لَا يَطْرُقُ أَهْلَهُ لَيْلًا وَكَانَ يَأْتِيهِمْ غُدْوَةً أَوْ عَشِيَّةً» ) .
٢٨٢٥ - وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا أَطَالَ أَحَدُكُمْ الْغَيْبَةَ فَلَا يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلًا» .
ــ
[نيل الأوطار]
لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ) أَيْ حَاضِرٌ، وَيَلْحَقُ بِالزَّوْجِ السَّيِّدُ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَمَتِهِ الَّتِي يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «وَبَعْلُهَا حَاضِرٌ» وَهِيَ أَفْيَدُ لِأَنَّ ابْنَ حَزْمٍ نَقَلَ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الْبَعْلَ اسْمُ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ، فَإِنْ ثَبَتَ وَإِلَّا كَانَ السَّيِّدُ مُلْحَقًا بِالزَّوْجِ لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْمَعْنَى. قَوْلُهُ: (إلَّا بِإِذْنِهِ) يَعْنِي فِي غَيْرِ صِيَامِ أَيَّامِ رَمَضَانَ، وَكَذَا سَائِرُ الصِّيَامَاتِ الْوَاجِبَةِ. وَيَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِصَوْمِ التَّطَوُّعِ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ: «مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ» وَمَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ بِلَفْظِ: «لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ غَيْرَ رَمَضَانَ» وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا فِي أَثْنَاءِ حَدِيثِ «وَمِنْ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنْ لَا تَصُومَ تَطَوُّعًا إلَّا بِإِذْنِهِ، فَإِنْ فَعَلَتْ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهَا» .
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ عَلَى الْمَرْأَةِ بِدُونِ إذْنِ زَوْجِهَا الْحَاضِرِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: يُكْرَهُ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، قَالَ: فَلَوْ صَامَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحَّ وَأَثِمَتْ لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ، وَأَمْرُ الْقَبُولِ إلَى اللَّهِ. قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْضًا: وَيُؤَكِّدُ التَّحْرِيمَ ثُبُوتُ الْخَبَرِ بِلَفْظِ النَّهْيِ، وَوُرُودُهُ بِلَفْظِ الْخَبَرِ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ بَلْ هُوَ أَبْلَغُ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى تَأَكُّدِ الْأَمْرِ فِيهِ فَيَكُونُ دَالًّا عَلَى التَّحْرِيمِ. قَالَ: وَسَبَبُ هَذَا التَّحْرِيمِ أَنَّ لِلزَّوْجِ حَقَّ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحَقُّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ فَلَا تُفَوِّتُهُ بِالتَّطَوُّعِ، وَإِذَا أَرَادَ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا جَازَ وَيَفْسُدُ صَوْمُهَا.
وَظَاهِرُ التَّقْيِيدِ بِالشَّاهِدِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا التَّطَوُّعُ إذَا كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا، فَلَوْ صَامَتْ وَقَدِمَ فِي أَثْنَاءِ الصِّيَامِ قِيلَ: فَلَهُ إفْسَادُ صَوْمِهَا ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَفِي مَعْنَى الْغَيْبَةِ أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ الْجِمَاعَ. وَحَمَلَ الْمُهَلَّبُ النَّهْيَ الْمَذْكُورَ عَلَى التَّنْزِيهِ فَقَالَ: هُوَ مِنْ حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ وَلَهَا أَنْ تَفْعَلَ مِنْ غَيْرِ الْفَائِضِ بِغَيْرِ إذْنِهِ مَا لَا يَضُرُّهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبْطِلَ شَيْئًا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ إذَا دَخَلَتْ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute