للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الرَّجْعَةِ وَالْإِبَاحَةِ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ

ــ

[نيل الأوطار]

الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «كَانَتْ أُخْتِي تَحْتَ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَارْتَفَعَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ لَهَا: أَتَرُدِّينَ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: وَأَزِيدُهُ، فَخَلَعَهَا، فَرَدَّتْ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ وَزَادَتْهُ» وَهَذَا مَعَ كَوْنِ إسْنَادِهِ ضَعِيفًا لَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ قَرَّرَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى دَفْعِ الزِّيَادَةِ، بَلْ أَمَرَهَا بِرَدِّ الْحَدِيقَةِ فَقَطْ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ سُكُوتَهُ بَعْدَ قَوْلِهَا: " وَأَزِيدُهُ " تَقْرِيرٌ. وَيُؤَيِّدُ الْجَوَازَ قَوْله تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩] فَإِنَّهُ عَامٌّ لِلْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَلَكِنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ الرِّوَايَاتِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلنَّهْيِ عَنْ الزِّيَادَةِ مُخَصِّصَةٌ لِهَذَا الْعُمُومِ وَمُرَجَّحَةٌ عَلَى تِلْكَ الرِّوَايَاتِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلتَّقْرِيرِ لِكَثْرَةِ طُرُقُهَا وَكَوْنِهَا مُقْتَضِيَةً لِلْحَصْرِ وَهُوَ أَرْجَحُ مِنْ الْإِبَاحَةِ عِنْدَ التَّعَارُضِ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْأُصُولِ. وَأَحَادِيثُ الْبَابِ قَاضِيَةٌ بِأَنَّهُ يَجُوزُ الْخُلْعُ إذَا كَانَ ثَمَّ سَبَبٌ يَقْتَضِيهِ فَيُجْمَعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْقَاضِيَةِ بِالتَّحْرِيمِ بِحَمْلِهَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ سَبَبٌ يَقْتَضِيهِ

وَقَدْ أَخْرَجَ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ» وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ «مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ» وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «الْمُخْتَلِعَاتُ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ» وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْهُ، وَفِي سَمَاعِهِ مِنْهُ نَظَرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>