للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٨٨٦ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي، فَتَزَوَّجْت بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ، وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هَدْبَةِ الثَّوْبِ فَقَالَ: أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ؟ لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ، لَكِنْ لِأَبِي دَاوُد مَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ الزَّوْجَيْنِ) .

٢٨٨٧ - (وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْعُسَيْلَةُ هِيَ الْجِمَاعُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ) .

٢٨٨٨ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «سُئِلَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَيَتَزَوَّجُهَا آخَرُ فَيُغْلِقُ الْبَابَ وَيُرْخِي السِّتْرَ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، هَلْ تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ؟ قَالَ: لَا، حَتَّى يَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ: قَالَ: «لَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ حَتَّى يُجَامِعَهَا الْآخَرُ» .

ــ

[نيل الأوطار]

الْأَثَرُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَزَادَ " وَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ " قَالَ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ: وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ عَلَى الرَّجْعَةِ. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ فِي الرَّجْعَةِ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْقَاسِمِيَّةُ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ. وَاسْتَدَلَّ لَهُمْ فِي الْبَحْرِ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ السَّالِفِ، فَإِنَّ فِيهِ أَنَّهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا» وَلَمْ يَذْكُرْ الْإِشْهَادَ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالنَّاصِرُ: إنَّهُ يَجِبُ الْإِشْهَادُ فِي الرَّجْعَةِ. وَاحْتَجَّ فِي " نِهَايَةِ الْمُجْتَهِدِ لِلْقَائِلِينَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأُمُورِ الَّتِي يُنْشِئُهَا الْإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا الْإِشْهَادُ. وَمِنْ الْأَدِلَّةِ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ فِي الطَّلَاقِ كَمَا حَكَاهُ الْمُوَزِّعِيُّ فِي تَيْسِيرِ الْبَيَانِ وَالرَّجْعَةُ قَرِينَتُهُ فَلَا يَجِبُ فِيهَا كَمَا لَا يَجِبُ فِيهِ، وَالِاحْتِجَاجُ بِالْأَثَرِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ لِأَنَّهُ قَوْلُ صَحَابِيٍّ فِي أَمْرٍ مِنْ مَسَارِحِ الِاجْتِهَادِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ لَوْلَا مَا وَقَعَ مِنْ قَوْلِهِ: " طَلَّقْتَ لِغَيْرِ سُنَّةٍ، وَرَاجَعْتَ لِغَيْرِ سُنَّةٍ " وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] فَهُوَ وَارِدٌ عَقِبَ قَوْلِهِ: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: ٢] الْآيَةَ. وَقَدْ عَرَفْتَ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ عَلَى الطَّلَاقِ، وَالْقَائِلُونَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ يَقُولُونَ بِالِاسْتِحْبَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>