كِتَابُ الظِّهَارِ
ــ
[نيل الأوطار]
الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ كَلَامِ الْمَرْأَةِ أَوْ عَلَى أَنْ يَغِيظَهَا أَوْ يَسُوءَهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْفَيْءِ الْجِمَاعَ، بَلْ رُجُوعُهُ بِفِعْلِ مَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ
قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَرْعٌ: وَلَفْظُ الْفَيْءِ: نَدِمْتُ عَلَى يَمِينِي وَلَوْ قَدَرْتُ الْآنَ لَفَعَلْتُ أَوْ رَجَعْتُ عَنْ يَمِينِي وَنَحْوِهِ، انْتَهَى. وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ الزَّوْجَ لَا يُطَالَبُ بِالْفَيْءِ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: إنَّهُ يُطَالَبُ فِيهَا لِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ {فَإِنْ فَاءُوا} [البقرة: ٢٢٦] فِيهِنَّ قَالُوا: وَإِذَا جَازَ الْفَيْءُ جَازَ الطَّلَبُ إذْ هُوَ تَابِعٌ. وَيُجَابُ بِمَنْعِ الْمُلَازَمَةِ وَبِنَصِّ {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: ٢٢٦] فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ شَرَعَ التَّرَبُّصَ هَذِهِ الْمُدَّةَ فَلَا يَجُوزُ مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ قَبْلَهَا، وَاخْتِيَارُهُ لِلْفَيْءِ قَبْلَهَا إبْطَالٌ لِحَقِّهِ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ فَلَا يَبْطُلُ بِإِبْطَالِ غَيْرِهِ. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ الطَّلَاقَ الْوَاقِعَ مِنْ الزَّوْجِ فِي الْإِيلَاءِ يَكُونُ رَجْعِيًّا، وَهَكَذَا عِنْدَ مَنْ قَالَ: إنَّ مُضِيَّ الْمُدَّةِ يَكُونُ طَلَاقًا وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ
وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهَا إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَفِئْ طَلُقَتْ طَلْقَةً بَائِنَةً. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ مِنْ الْكُوفِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ كَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَقَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَرَبِيعَةَ وَمَكْحُولٍ وَالزُّهْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهَا تَطْلُقُ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهَا تَطْلُقُ بَائِنًا. وَرَوَى إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute