للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عُمَرَ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى

وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَاعْتَرَضَ ابْنُ الْقَيِّمِ الرِّوَايَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عُمَرَ وَقَالَ: الثَّابِتُ عَنْهُمَا مَا رَوَاهُ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّهُمَا قَالَا: عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُمَا خِلَافُ ذَلِكَ. وَرَوَى ابْنُ حَزْمٍ عَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الْوَقْفَ فِي ذَلِكَ. وَعَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: إنَّهُ يَمِينٌ. وَاحْتَجَّ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَا تُحَرَّمُ عَلَيْهِ إلَّا بِالثَّلَاثِ فَكَانَ وُقُوعُ الثَّلَاثِ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِهَا حَرَامًا. الثَّالِثُ: أَنَّهَا بِهَذَا الْقَوْلِ حَرَامٌ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ حَزْمٍ وَابْنُ الْقَيِّمِ فِي أَعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ: صَحَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ وَخِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَقَتَادَةَ قَالَ: لَمْ يَذْكُرْ هَؤُلَاءِ طَلَاقًا بَلْ أَمَرُوهُ بِاجْتِنَابِهَا فَقَطْ. قَالَ: وَصَحَّ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عَنْهُ رِوَايَتَانِ، أَوْ يَكُونَ أَرَادَ تَحْرِيمَ الثَّلَاثِ، وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ لَفْظَهُ إنَّمَا اقْتَضَى التَّحْرِيمَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِعَدَدِ الطَّلَاقِ فَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ بِمُقْتَضَى تَحْرِيمِهِ. الرَّابِعُ: الْوَقْفُ فِيهَا. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: صَحَّ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ، وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ التَّحْرِيمَ لَيْسَ بِطَلَاقٍ، وَالزَّوْجُ لَا يَمْلِكُ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ، إنَّمَا يَمْلِكُ السَّبَبَ الَّذِي تُحَرَّمُ بِهِ وَهُوَ الطَّلَاقُ، وَهَذَا لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الطَّلَاقِ وَلَا هُوَ مِمَّا لَهُ عُرْفٌ فِي الشَّرْعِ فِي تَحْرِيمِ الزَّوْجَةِ فَاشْتَبَهَ الْأَمْرُ فِيهِ

الْخَامِسُ: إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَهُوَ طَلَاقٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ كَانَ يَمِينًا، وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ وَالزُّهْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٌ عَنْ الْحَسَنِ، وَحَكَاهُ أَيْضًا فِي الْفَتْحِ عَنْ النَّخَعِيّ وَإِسْحَاقَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ. وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ فَإِنْ نَوَاهُ كَانَ طَلَاقًا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ كَانَ يَمِينًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: ١] إلَى قَوْلِهِ: {تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ٢] . السَّادِسُ: أَنَّهُ إنْ نَوَى الثَّلَاثَ فَثَلَاثٌ وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَإِنْ نَوَى يَمِينًا فَهُوَ يَمِينٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ كَذْبَةٌ لَا شَيْءَ فِيهَا، قَالَهُ سُفْيَانُ: وَحَكَاهُ النَّخَعِيّ عَنْ أَصْحَابِهِ، وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ اللَّفْظَ مُحْتَمِلٌ لِمَا نَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ فَتُتْبَعُ نِيَّتُهُ. السَّابِعُ: مِثْلُ هَذَا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ٢] فَإِذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا، فَإِذَا أَطْلَقَ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا كَانَ يَمِينًا. الثَّامِنُ: مِثْلُ هَذَا أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَوَاحِدَةٌ بَائِنًا إعْمَالًا لِلَفْظِ التَّحْرِيمِ، هَكَذَا فِي أَعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ وَلَمْ يَحْكِهِ عَنْ أَحَدٍ. وَقَدْ حَكَاهُ ابْنُ حَزْمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ

التَّاسِعُ: أَنَّ فِيهِ كَفَّارَةَ ظِهَارٍ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي قِلَابَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْ أَحْمَدَ، وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ التَّشْبِيهَ بِمَنْ تُحَرَّمُ عَلَيْهِ ظِهَارًا، فَالتَّصْرِيحُ بِالتَّحْرِيمِ أَوْلَى. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: وَهَذَا أَقَيْسُ الْأَقْوَالِ. وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ لِلْمُكَلَّفِ التَّحْلِيلَ وَالتَّحْرِيمَ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ إلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>