للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

تَعَالَى، وَإِنَّمَا جَعَلَ لَهُ مُبَاشَرَةَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا التَّحْرِيمُ، فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَقَدْ قَالَ الْمُنْكَرَ مِنْ الْقَوْلِ وَالزُّورِ وَكَذَبَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهَا عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ وَلَا جَعَلَهَا عَلَيْهِ حَرَامًا فَقَدْ أَوْجَبَ بِهَذَا الْقَوْلِ الْمُنْكَرِ وَالزُّورِ أَغْلَظَ الْكَفَّارَتَيْنِ وَهِيَ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ. الْعَاشِرُ: أَنَّهَا تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقَوْلُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ شَيْخِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ تَطْلِيقَ التَّحْرِيمِ لَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ بِالثَّلَاثِ بَلْ يَصْدُقُ بِأَقَلِّهِ، وَالْوَاحِدَةُ مُتَيَقَّنَةٌ فَحُمِلَ اللَّفْظُ عَلَيْهَا

الْحَادِيَ عَشَرَ: أَنَّهُ يَنْوِي مَا أَرَادَ مِنْ ذَلِكَ فِي إرَادَةِ أَصْلِ الطَّلَاقِ وَعَدَدِهِ وَإِنْ نَوَى تَحْرِيمًا بِغَيْرِ طَلَاقٍ فَيَمِينٌ مُكَفَّرَةٌ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ اللَّفْظَ صَالِحٌ لِذَلِكَ كُلِّهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ وَاحِدَةٌ مِنْهَا إلَّا بِالنِّيَّةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ هُوَ الْقَوْلُ الْخَامِسُ وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ عَنْهُ فِي فَتْحِ الْبَارِي، بَلْ حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ الْقَيِّمِ نَفْسُهُ. الثَّانِيَ عَشَرَ: أَنَّهُ يَنْوِي أَيْضًا مَا شَاءَ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ، إلَّا أَنَّهُ إذَا نَوَى وَاحِدَةً كَانَتْ بَائِنَةً، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَإِيلَاءٌ، وَإِنْ نَوَى الْكَذِبَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ هَكَذَا قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ.

وَفِي الْفَتْحِ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ إذَا نَوَى اثْنَتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا فَهُوَ يَمِينٌ وَيَصِيرُ مُوَلِّيًا.

وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إذَا نَوَى الْكَذِبَ دِينَ وَلَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ وَلَا يَكُونُ مُظَاهِرًا عِنْدَهُ، نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ، وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ فَقَالَ: أَعْنِي بِهِ الظِّهَارَ، لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا؛ وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ احْتِمَالُ اللَّفْظِ. الثَّالِثَ عَشَرَ: أَنَّهُ يَمِينٌ يُكَفِّرُهُ مَا يُكَفِّرُ الْيَمِينَ عَلَى حَالٍ

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: صَحَّ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ وَقَتَادَةَ وَالْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَنَافِعٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَخَلْقٍ سِوَاهُمْ، وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ فَرْضَ تَحِلَّةِ الْأَيْمَانِ عَقِبَ تَحْرِيمِ الْحَلَالِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ يَقِينًا. الرَّابِعَ عَشَرَ: أَنَّهُ يَمِينٌ مُغَلَّظَةٌ يَتَعَيَّنُ بِهَا عِتْقُ رَقَبَةٍ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: صَحَّ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ، وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَمِينًا مُغَلَّظَةً غُلِّظَتْ كَفَّارَتُهَا. الْخَامِسَ عَشَرَ: أَنَّهُ طَلَاقٌ، ثُمَّ إنَّهَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَهُوَ مَا نَوَاهُ مِنْ الْوَاحِدَةِ فَمَا فَوْقَهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا فَهُوَ ثَلَاثٌ، وَإِنْ نَوَى أَقَلَّ مِنْهَا وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ، وَرَوَاهُ فِي نِهَايَةِ الْمُجْتَهِدِ عَنْ عَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ؛ وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ اللَّفْظَ لَمَّا اقْتَضَى التَّحْرِيمَ وَجَبَ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ، وَغَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا تُحَرَّمُ بِوَاحِدَةٍ، وَالْمَدْخُولُ بِهَا لَا تُحَرَّمُ إلَّا بِالثَّلَاثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>