. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ أُخْتُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَشَهِدَتْ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِحَدِيثِهَا هَذَا عَلَى أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا تَعْتَدُّ فِي الْمَنْزِلِ الَّذِي بَلَغَهَا نَعْيُ زَوْجِهَا وَهِيَ فِيهِ وَلَا تَخْرُجُ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَقَدْ أَخْرَجَ ذَلِكَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ عُمَرَ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٍ، وَأَخْرَجَهُ حَمَّادٌ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَقَدْ قَالَ بِحَدِيثِ الْفُرَيْعَةِ جَمَاعَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ بِالْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَمِصْرَ وَلَمْ يَطْعَنْ فِيهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ. وَقَدْ رُوِيَ جَوَازُ خُرُوجِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لِلْعُذْرِ عَنْ جَمَاعَةٍ، مِنْهُمْ عُمَرُ، أَخْرَجَ عَنْهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ " أَنَّهُ رَخَّصَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَهَا بَيَاضَ يَوْمِهَا " وَأَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رَخَّصَ لَهَا فِي بَيَاضِ يَوْمِهَا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ ابْنَةٌ تَعْتَدُّ مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا فَكَانَتْ تَأْتِيهِمْ بِالنَّهَارِ فَتُحَدِّثُ إلَيْهِمْ، فَإِذَا كَانَ بِاللَّيْلِ أَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إلَى بَيْتِهَا. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي نِسَاءٍ نُعِيَ إلَيْهِنَّ أَزْوَاجُهُنَّ وَتَشَكَّيْنَ الْوَحْشَةَ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يَجْتَمِعْنَ بِالنَّهَارِ ثُمَّ تَرْجِعُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ إلَى بَيْتِهَا بِاللَّيْلِ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ جَوَّزَ لِلْمُسَافِرَةِ الِانْتِقَالَ. وَرَوَى الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: " أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ بِأَنَّ أَبَاهَا مَرِيضٌ وَأَنَّهَا فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ فَأَذِنَتْ لَهَا فِي وَسَطِ النَّهَارِ "
وَأَخْرَجَ الشَّافِعِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مُجَاهِدٍ مُرْسَلًا «أَنَّ رِجَالًا اُسْتُشْهِدُوا بِأُحُدٍ، فَقَالَ نِسَاؤُهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَسْتَوْحِشُ فِي بُيُوتِنَا أَفَنَبِيتُ عِنْدَ إحْدَانَا؟ فَأَذِنَ لَهُنَّ أَنْ يَتَحَدَّثْنَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ، فَإِذَا كَانَ وَقْتُ النَّوْمِ تَأْوِي كُلُّ وَاحِدَةٍ إلَى بَيْتِهَا» وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَجَابِرٍ وَالْقَاسِمِيَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ مِنْ مَوْضِعِ عِدَّتِهَا لِقَوْلِهِ: {يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: ٢٣٤] وَلَمْ يَخُصَّ مَكَانًا، وَالْبَيَانُ لَا يُؤَخِّرُ عَنْ الْحَاجَةِ. وَعَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ: ثُمَّ قَالَ: فَرْعٌ: وَلَهَا الْخُرُوجُ نَهَارًا وَلَا تَبِيتُ إلَّا فِي مَنْزِلِهَا إجْمَاعًا، انْتَهَى وَحِكَايَةُ الْإِجْمَاعِ رَاجِعَةٌ إلَى مَبِيتِهَا فِي مَنْزِلِهَا لَا إلَى الْخُرُوجِ نَهَارًا فَإِنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا عَرَفْتَ. وَحَدِيثُ فُرَيْعَةَ لَمْ يَأْتِ مَنْ خَالَفَهُ بِمَا يَنْتَهِضُ لِمُعَارَضَتِهِ، فَالتَّمَسُّكُ بِهِ مُتَعَيَّنٌ، وَلَا حُجَّةَ فِي أَقْوَالِ أَفْرَادِ الصَّحَابَةِ، وَمُرْسَلُ مُجَاهِدٍ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ عَلَى فَرْضِ انْفِرَادِهِ عِنْدَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ الْمَرَاسِيلَ مُطْلَقًا. وَأَمَّا إذَا عَارَضَهُ مَرْفُوعٌ أَصَحُّ مِنْهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ النِّزَاعِ فَلَا يَحِلُّ التَّمَسُّكُ بِهِ بِإِجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ
وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ مَنْ قَالَ: إنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَا تَسْتَحِقُّ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَفِظْت عَمَّنْ أَرْضَى بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ نَفَقَةَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَكِسْوَتَهَا حَوْلًا مَنْسُوخَتَانِ بِآيَةِ الْمِيرَاثِ وَلَمْ أَعْلَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute