للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الطَّبَرَانِيُّ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: فِي إسْنَادِهِ بَقِيَّةُ وَالْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَكِلَاهُمَا مُدَلِّسٌ اهـ. وَلَكِنَّهُ يَشْهَدُ لِصِحَّتِهِ حَدِيثُ رُوَيْفِعٍ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ وَالْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ قَبْلَهُ. وَحَدِيثُ رُوَيْفِعٍ أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالدَّارِمِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالضِّيَاءُ الْمَقْدِسِيَّ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَالْبَزَّارُ وَحَسَّنَهُ، وَاللَّفْظُ الْآخَرُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الطَّحَاوِيُّ وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ بَيْعِ الْمَغَانِمِ حَتَّى تُقْسَمَ وَقَالَ: لَا تَسْقِ مَاءَك زَرْعَ غَيْرِكَ» وَأَصْلُهُ فِي النَّسَائِيّ. وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ عِنْدَ أَبِي دَاوُد قَالَ: «تَزَوَّجْت امْرَأَةً بِكْرًا فِي سِتْرِهَا. فَدَخَلْت عَلَيْهَا فَإِذَا هِيَ حُبْلَى فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ: فَفَرَّقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمَا» ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ لِلْمَسْبِيَّةِ - إذَا كَانَتْ حَامِلًا أَوْ حَائِلًا يَجُوزُ عَلَيْهَا الْحَمْلُ فَقَطْ لَا مَعَ عَدَمِ التَّجْوِيزِ كَالْبِكْرِ وَالصَّغِيرَةِ - بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرُوَيْفِعٍ الْمَذْكُورَيْنِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ

وَاسْتَدَلَّ بِالْأَثَرِ الْمَذْكُورِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى وَاهِبِ الْأَمَةِ وَبَائِعِهَا. وَقَدْ حُكِيَ ذَلِكَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْهَادِي وَالنَّاصِرِ وَالنَّخَعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَمَالِكٍ. وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ أَوْ الْوَاهِبُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً، وَبَيْنَ كَوْنِ الْمَبِيعِ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالْإِمَامُ يَحْيَى: لَا يَجِبُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُسْتَحَبُّ فَقَطْ. وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِالْوُجُوبِ بِالْقِيَاسِ عَلَى عِدَّةِ الزَّوْجَةِ بِجَامِعِ مِلْكِ الْوَطْءِ فَلَا يَمْلِكُهُ غَيْرُهُ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ. وَأُجِيبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ بِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الطَّلَاقِ. وَهَذَا الِاسْتِبْرَاءُ قَبْلَ الْبَيْعِ

وَمِنْهَا: تَنَافِي أَحْكَامِ الْمِلْكِ وَالنِّكَاحِ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا يَصِحَّ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي الْمِلْكِ قِيَاسًا عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ. وَمِنْهَا: أَنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ لَا عَلَى الزَّوْجِ. وَمِنْهَا: أَنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ الْخَلْوَةِ، وَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عِنْدَهُمْ فِي الْأَمَةِ مُطْلَقًا. فَالْحَقُّ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْقِيَاسِ الْمَبْنِيِّ عَلَى غَيْرِ أَسَاس لَا يَصْلُحُ لِإِثْبَاتِ تَكْلِيفٍ شَرْعِيٍّ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ. وَكَمَا أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْإِيجَابِ لَا وَجْهَ لِلِاسْتِحْبَابِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ. وَالْبَرَاءَةُ الْأَصْلِيَّةُ مُسْتَصْحَبَةٌ حَتَّى يَنْقُلَ عَنْهَا نَاقِلٌ صَحِيحٌ

وَلَيْسَ فِي كَلَامِ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ عَلَى الْبَائِعِ وَنَحْوِهِ، بَلْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي. وَلَوْ سَلِمَ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ حُجَّةٌ عَلَى أَحَدٍ وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالْمُتَّهِبِ وَنَحْوِهِمَا. فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى الْوُجُوبِ، وَاحْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْمَسْبِيَّةِ بِجَامِعِ تَجَدُّدِ الْمِلْكِ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ. وَذَهَبَ دَاوُد وَالْبَتِّيُّ إلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي غَيْرِ السَّبْيِ. أَمَّا دَاوُد فَلِأَنَّهُ لَا يَقُولُ بِثُبُوتِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ بِمُجَرَّدِ الْقِيَاسِ

وَأَمَّا الْبَتِّيُّ فَلِأَنَّهُ جَعَلَ تَجَدُّدَ الْمِلْكِ بِالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>