للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٩٩٨ - وَعَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ أُصِيبَ بِدَمٍ أَوْ خَبْلٍ وَالْخَبْلُ: الْجِرَاحُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إحْدَى ثَلَاثٍ: إمَّا أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَأْخُذَ الْعَقْلَ أَوْ يَعْفُوَ فَإِنْ أَرَادَ رَابِعَةً فَخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ

٢٩٩٩ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ فِي بَنِي إسْرَائِيلَ الْقِصَاصُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ الدِّيَةُ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِهَذِهِ الْأُمَّةِ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ} [البقرة: ١٧٨] الْآيَةُ {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة: ١٧٨] قَالَ: فَالْعَفْوُ أَنْ يَقْبَلَ فِي الْعَمْدِ الدِّيَةَ وَالِاتِّبَاعُ بِالْمَعْرُوفِ يَتْبَعُ الطَّالِبُ بِمَعْرُوفٍ وَيُؤَدِّي إلَيْهِ الْمَطْلُوبُ بِإِحْسَانٍ {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: ١٧٨] فِيمَا كُتِبَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ

ــ

[نيل الأوطار]

حَدِيثُ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ فِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ أَوْرَدَهُ مُعَنْعَنًا وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالتَّدْلِيسِ، فَإِذَا عَنْعَنَ ضَعُفَ حَدِيثُهُ كَمَا تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ وَفِي إسْنَادِهِ أَيْضًا سُفْيَانُ بْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ السُّلَمِيُّ، قَالَ أَبُو حَاتِمِ الرَّازِيّ: لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ النَّسَائِيّ، وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِمَعْنَاهُ كَمَا فِي حَدِيثِهِ الْمَذْكُورِ. وَأَبُو شُرَيْحٍ بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَبَعْدَهَا حَاءٌ مُهْمَلَةٌ اسْمُهُ خُوَيْلِدُ بْنُ عَمْرٍو، وَيُقَالُ: كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو، وَيُقَالُ: هَانِئٌ، وَيُقَالُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ.

قَوْلُهُ: (بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إمَّا أَنْ يَفْتَدِيَ وَإِمَّا أَنْ يَقْتُلَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِيَارَ إلَى الْأَهْلِ الَّذِينَ هُمْ الْوَارِثُونَ لِلْقَتِيلِ سَوَاءً كَانُوا يَرِثُونَهُ بِسَبَبٍ أَوْ نَسَبٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْعِتْرَةِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ: يَخْتَصّ بِالْعَصَبَةِ إذْ شُرِعَ لِنَفْيِ الْعَارِ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ، فَإِنْ عَفَوْا فَالدِّيَةُ كَالتَّرِكَةِ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: يَخْتَصُّ بِالْوَرَثَةِ مِنْ النَّسَبِ إذْ شُرِعَ لِلتَّشَفِّي، وَالزَّوْجِيَّةُ تَرْتَفِعُ بِالْمَوْتِ فَلَا تَشَفِّيَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ شُرِعَ لِحِفْظِ الدِّمَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: ١٧٩] وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْقِصَاصَ وَالدِّيَةَ وَاجِبَانِ عَلَى التَّخْيِيرِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَالنَّاصِرُ وَأَبُو حَامِدٍ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ لَهُ. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَالنَّاصِرُ وَالدَّاعِي وَالطَّبَرِيُّ: إنَّ الْوَاجِبَ بِالْقَتْلِ هُوَ الْقِصَاصُ لَا الدِّيَةُ، فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ اخْتِيَارُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: ١٧٨] وَلَمْ يَذْكُرْ الدِّيَةَ.

وَيُجَابُ بِأَنَّ عَدَمَ الذِّكْرِ فِي الْآيَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الذِّكْرِ مُطْلَقًا، فَإِنَّ الدِّيَةَ قَدْ ذُكِرَتْ فِي حَدِيثَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>