للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

فِي دَمِهِ) بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ بَعْدَهَا طَاءٌ مُهْمَلَةٌ أَيْضًا وَهُوَ الِاضْطِرَابُ فِي الدَّمِ. كَمَا فِي الْقَامُوسِ.

قَوْلُهُ: (وَحُوَيِّصَةُ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ مُصَغَّرًا.

وَقَدْ رُوِيَ التَّخْفِيفُ فِيهِ وَفِي مُحَيِّصَةُ. قَوْلُهُ: (كَبِّرْ كَبِّرْ) أَيْ دَعْ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْكَ سِنًّا يَتَكَلَّمُ، هَكَذَا فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ الَّذِي تَكَلَّمَ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ وَكَانَ أَصْغَرَهُمْ.

وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ الَّذِي تَكَلَّمَ هُوَ مُحَيِّصَةُ وَكَانَ أَصْغَرَ مِنْ حُوَيِّصَةَ. قَوْلُهُ: (أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ صَاحِبَكُمْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْقَسَامَةِ.

وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْعُلَمَاءِ مِنْ الْحِجَازِ وَالْكُوفَةِ وَالشَّامِ، حَكَى ذَلِكَ الْقَاضِي عِيَاضٌ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ هَؤُلَاءِ فِي الْجُمْلَةِ إنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي التَّفَاصِيلِ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ. وَرَوَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ مِنْهُمْ أَبُو قِلَابَةَ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَقَتَادَةُ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عُلَيَّةَ وَمُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ

وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَنَّ الْقَسَامَةَ غَيْرُ ثَابِتَةٍ لِمُخَالَفَتِهَا لِأُصُولِ الشَّرِيعَةِ مِنْ وُجُوهٍ: مِنْهَا: أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى الْمُنْكِرِ فِي أَصْلِ الشَّرْعِ. وَمِنْهَا: أَنَّ الْيَمِينَ لَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى مَا عَلِمَهُ الْإِنْسَانُ قَطْعًا بِالْمُشَاهَدَةِ الْحِسِّيَّةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامهَا. وَأَيْضًا لَمْ يَكُنْ فِي حَدِيثِ الْبَابِ حُكْمٌ بِالْقَسَامَةِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ الْقَسَامَةُ مِنْ أَحْكَامِ الْجَاهِلِيَّةِ فَتَلَطَّفَ لَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُرِيَهُمْ كَيْفَ بُطْلَانهَا، وَإِلَى عَدَمِ ثُبُوتِ الْقَسَامَةِ أَيْضًا ذَهَبَ النَّاصِرُ كَمَا حَكَاهُ عَنْهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقَسَامَةَ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ مُسْتَقِلٌّ لِوُرُودِ الدَّلِيلِ بِهَا فَتُخَصَّصُ بِهَا الْأَدِلَّةُ الْعَامَّةُ، وَفِيهَا حِفْظٌ لِلدِّمَاءِ وَزَجْرٌ لِلْمُعْتَدِينَ، وَلَا يَحِلُّ طَرْحُ سُنَّةٍ خَاصَّةٍ لِأَجْلِ سُنَّةٍ عَامَّةٍ، وَعَدَمُ الْحُكْمِ فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْحُكْمِ مُطْلَقًا، فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ عَرَضَ عَلَى الْمُتَخَاصِمِينَ الْيَمِينَ وَقَالَ: «إمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ وَإِمَّا أَنْ يَأْذَنُوا بِحَرْبٍ» كَمَا فِي رِوَايَةٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهَا، وَهُوَ لَا يَعْرِضُ إلَّا مَا كَانَ شَرْعًا.

وَأَمَّا دَعْوَى أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لِلتَّلَطُّفِ بِهِمْ وَإِنْزَالِهِمْ مِنْ حُكْمِ الْجَاهِلِيَّةِ فَبَاطِلَةٌ، كَيْفَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَرَّ الْقَسَامَةَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ» .

وَقَدْ قَدَّمْنَا صِفَةَ الْوَاقِعَةِ الَّتِي وَقَعَتْ لِأَبِي طَالِبٍ مَعَ قَاتِلِ الْهَاشِمِيِّ.

وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتِيلًا بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذُرِعَ مَا بَيْنَهُمَا، فَوَجَدَهُ أَقْرَبَ إلَى أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ بِشِبْرٍ فَأَلْقَى دِيَتَهُ عَلَيْهِمْ» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو إسْرَائِيلَ عَنْ عَطِيَّةَ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِمَا.

وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ.

وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشَّعْبِيِّ " أَنَّ قَتِيلًا وُجِدَ بَيْنَ وَادِعَةَ وَشَاكِرٍ، فَأَمَرَهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يَقِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا فَوَجَدُوهُ إلَى وَادِعَةَ أَقْرَبَ، فَأَحْلَفَهُمْ عُمَرُ خَمْسِينَ يَمِينًا، كُلّ رَجُلٍ مَا قَتَلْته وَلَا عَلِمْتُ قَاتِلَهُ، ثُمَّ أَغْرَمَهُمْ الدِّيَةَ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا أَيْمَانُنَا دَفَعَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>