للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

عَنْ أَمْوَالِنَا، وَلَا أَمْوَالُنَا دَفَعَتْ عَنْ أَيْمَانِنَا؟ فَقَالَ عُمَرُ: كَذَلِكَ الْحَقُّ " وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَفِيهِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: «إنَّمَا قَضَيْت عَلَيْكُمْ بِقَضَاءِ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَفْعُهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنْكَرٌ، وَفِيهِ عُمَرُ بْنُ صُبْحٍ أَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِهِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ بِتَكْذِيبٍ إنَّمَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ عَنْ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رُوِيَ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عُمَرَ.

وَرُوِيَ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ الْأَزْمَعِ لَكِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ أَبُو إِسْحَاقَ مِنْ الْحَارِثِ وَأَخْرَجَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ لَيْثٍ أَجْرَى فَرَسًا فَوَطِئَ عَلَى أُصْبُعِ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ فَمَاتَ، فَقَالَ عُمَرُ لِلَّذِينَ ادَّعَى عَلَيْهِمْ: أَتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا مَاتَ مِنْهَا، فَأَبَوْا، فَقَالَ لِلْآخَرِينَ: احْلِفُوا أَنْتُمْ، فَأَبَوْا، فَقَضَى عُمَرُ بِشَطْرِ الدِّيَةِ عَلَى السَّعْدِيِّينَ، وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْيَهُودِ بِالدِّيَةِ. قَوْلُهُ: (فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ) قَدْ تَقَدَّمَ ضَبْطُ الرُّمَّةِ وَتَفْسِيرُهَا فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ.

وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهَذَا مَنْ قَالَ: إنَّهُ يَجِبُ الْقَوَدُ بِالْقَسَامَةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ وَرَبِيعَةُ وَأَبُو الزِّنَادِ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُد وَمُعْظَمُ الْحِجَازِيِّينَ. وَحَكَاهُ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.

وَحَكَى فِي الْبَحْرِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمُعَاوِيَةَ وَالْمُرْتَضَى وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَوَدُ بِالْقَسَامَةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَسَائِرُ الْكُوفِيِّينَ وَكَثِيرٌ مِنْ الْبَصْرِيِّينَ وَبَعْضُ الْمَدَنِيِّينَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْهَادَوِيَّةُ، بَلْ الْوَاجِبُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا الْيَمِينُ، فَيَحْلِفُ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا عَلِمْنَا قَاتِلَهُ، وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي، فَإِنْ حَلَفُوا لَزِمَتْهُمْ الدِّيَةُ عِنْدَ جُمْهُورِهِمْ. وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالْجَمَاعَةَ الْأُولَى لَمْ يَكُونُوا يَقْتُلُونَ بِالْقَسَامَةِ.

وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ أَنَّ الْقَسَامَةَ إنَّمَا تُوجِبُ الْعَقْلَ وَلَا تُشَيِّطُ الدَّمَ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ: قُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ: أَعَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَادَ بِالْقَسَامَةِ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَأَبُو بَكْرٍ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَعُمَرُ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَلِمَ تَجْتَرِئُونَ عَلَيْهَا؟ فَسَكَتَ.

وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " تُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ " أَحْمَدُ وَمَالِكٌ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ أَنَّ الْقَسَامَةَ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ عَلَى مُعَيَّنٍ سَوَاءٌ كَانَ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ. وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَخْتَصُّ الْقَتْلُ بِوَاحِدٍ مِنْ الْجَمَاعَةِ الْمُعَيَّنِينَ أَوْ يُقْتَلُ الْكُلُّ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى جَمَاعَةٍ وَيَخْتَارُوا وَاحِدًا لِلْقَتْلِ وَيُسْجَنُ الْبَاقُونَ عَامًا وَيُضْرَبُونَ مِائَةً مِائَةً. قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ قَوْلٌ لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهِ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: إنَّ شَرْطَ الْقَسَامَةِ أَنْ تَكُونَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>