٣٠٣٧ - وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلْيَهُودِ وَبَدَأَهُمْ: يَحْلِفُ مِنْكُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا فَأَبَوْا فَقَالَ لِلْأَنْصَارِ اسْتَحِقُّوا فَقَالُوا أَنَحْلِفُ عَلَى الْغَيْبِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَجَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِيَةً عَلَى الْيَهُودِ لِأَنَّهُ وُجِدَ بَيْن أَظْهُرِهِمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
بَابُ هَلْ يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ وَالْحُدُودُ فِي الْحَرَمِ أَمْ لَا؟
ــ
[نيل الأوطار]
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ بِهِ قَالَ الْبُخَارِيُّ: إنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ مُرْسَلًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَهُوَ أَحْفَظُ مِنْ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ وَأَوْثَقُ. وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ. قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ: وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْحَدِيثُ الثَّانِي الرَّاوِي لَهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسُلَيْمَانَ هُوَ الزُّهْرِيُّ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِ السُّنَنِ بَعْدَ ذِكْرِهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهَذَا ضَعِيفٌ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ. وَقَدْ قِيلَ لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْخُذَ بِحَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ، يَعْنِي هَذَا؟ فَقَالَ مُرْسَلٌ وَالْقَتِيلُ أَنْصَارِيٌّ والأنصاريون بِالْعِنَايَةِ أَوْلَى بِالْعِلْمِ بِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ. إذْ كَانَ كُلٌّ ثِقَةً وَكُلٌّ عِنْدَنَا بِنِعْمَةِ اللَّهِ ثِقَةٌ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَأَظُنّهُ أَرَادَ بِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ مَا رَوَى عَنْهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، وَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ. وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّ أَحْكَامَ الْقَسَامَةِ مُخَالِفَةٌ لِمَا عَلَيْهِ سَائِرُ الْقَضَايَا مِنْ إيجَابِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَيَنْدَفِعُ بِهِ مَا أَوْرَدَهُ النَّافُونَ لِلْقَسَامَةِ مِنْ مُخَالَفَتِهَا مَا عَلَيْهِ سَائِرُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْصِيلُ ذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ الثَّانِي مَنْ قَالَ بِإِيجَابِ الدِّيَةِ عَلَى مَنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، وَيُعَارِضُهُ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ فِيهِ " أَنَّهُ أَعَانَهُمْ بِنِصْفِ الدِّيَةِ " وَيُعَارِضُ الْجَمِيعَ مَا فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقَلَهُ مِنْ عِنْدِهِ " فَإِنْ أَمْكَنَ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى قِصَصٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وَكَانَ الْمَخْرَجُ مُتَّحِدًا فَالْمَصِيرُ إلَى مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ، وَلَا سِيَّمَا مَعَ مَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ. وَحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْحُكْمِ بِالدِّيَةِ بِدُونِ أَيْمَانٍ قَوْلُهُ: (فَقَالَ لِلْأَنْصَارِ: اسْتَحِقُّوا) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: اسْتَحَقَّهُ: اسْتَوْجَبَهُ اهـ.
وَالْمُرَادُ هَهُنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الْأَنْصَارَ بِأَنْ يَسْتَوْجِبُوا الْحَقَّ الَّذِي يَدَّعُونَهُ عَلَى الْيَهُودِ بِأَيْمَانِهِمْ فَأَجَابُوا بِأَنَّهُمْ لَا يَحْلِفُونَ عَلَى الْغَيْبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute