للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٠٤٧ - (وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ، فَقِيلَ: هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: قَدْ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

٣٠٤٨ - (وَعَنْ جُنْدُبٍ الْبَجَلِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كَانَ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ فَجَزِعَ، فَأَخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ بِهَا يَدَهُ، فَمَا رَقَأَ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: بَادَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ حَرَّمْت عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» أَخْرَجَاهُ) .

٣٠٤٩ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ قَتَلَ

ــ

[نيل الأوطار]

آدَمَ وَإِنَّمَا كَانَا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُمَا كَانَا وَلَدَيْ آدَمَ لِصُلْبِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ لِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ: أَيْ أَوَّلُ مَنْ وُلِدَ لِآدَمَ.

وَيُقَالُ: إنَّهُ لَمْ يُولَدُ لِآدَمَ فِي الْجَنَّةِ غَيْرُهُ وَغَيْرُ تَوْأَمَتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ فَخَرَ عَلَى أَخِيهِ هَابِيلَ فَقَالَ: نَحْنُ مِنْ أَوْلَادِ الْجَنَّةِ وَأَنْتُمْ مِنْ أَوْلَادِ الْأَرْضِ، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمُبْتَدَإِ قَوْلُهُ: (كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا) بِكَسْرِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَهُوَ النَّصِيبُ. وَأَكْثَرُ مَا يُطْلَقُ عَلَى الْأَجْرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} [الحديد: ٢٨] وَيُطْلَقُ عَلَى الِاسْمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} [النساء: ٨٥] قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ سَنَّ شَيْئًا كُتِبَ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَصْلٌ فِي أَنَّ الْمَعُونَةَ عَلَى مَا لَا يَحِلّ حَرَامٌ.

وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ «مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .

وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَتُبْ مِنْ ذَلِكَ الذَّنْبِ قَوْلُهُ: (بِشَطْرِ كَلِمَةٍ) قَالَ الْخَطَّابِيِّ: قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مِثْلُ أَنْ يَقُولَ اُقْ مِنْ قَوْلِهِ اُقْتُلْ، وَفِي هَذَا مِنْ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ مَا لَا يُقْدَرُ قَدْرُهُ، فَإِذَا كَانَ شَطْرُ الْكَلِمَةِ مُوجِبًا لِكَتْبِ الْإِيَاسِ مِنْ الرَّحْمَةِ بَيْنَ عَيْنَيْ قَائِلِهَا، فَكَيْفَ بِمَنْ أَرَاقَ دَمَ الْمُسْلِمِ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا بِغَيْرِ حُجَّةٍ نَيِّرَةً؟ . وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَبِحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ الْمَذْكُورَيْنِ بَعْدَهُ عَلَى أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ التَّوْبَةُ مِنْ قَاتِلِ الْعَمْدِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ مَا هُوَ الْحَقُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>