نَفْسَهُ بِسُمٍّ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ مُتَرَدٍّ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا» ) .
٣٠٥٠ - وَعَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ أَنَّهُ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت إنْ لَقِيتُ رَجُلًا مِنْ الْكُفَّارِ فَقَاتَلَنِي فَضَرَبَ إحْدَى يَدَيَّ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ فَقَالَ أَسْلَمْت لِلَّهِ أَفَأَقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا؟ قَالَ: لَا تَقْتُلْهُ قَالَ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ قَطَعَ يَدِي ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ قَطَعَهَا أَفَأَقْتُلُهُ؟ قَالَ لَا تَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِك قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ وَإِنَّك بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا
٣٠٥١ - وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ «لَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْمَدِينَةِ هَاجَرَ إلَيْهِ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَهَاجَرَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ فَمَرِضَ فَجَزِعَ فَأَخَذَ مَشَاقِصَ فَقَطَعَ بِهَا بَرَاجِمَهُ فَشَخَبَتْ يَدَاهُ حَتَّى مَاتَ فَرَآهُ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فِي مَنَامِهِ وَهَيْئَتُهُ حَسَنَةٌ وَرَآهُ مُغَطِّيًا يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ مَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ قَالَ غَفَرَ لِي بِهِجْرَتِي إلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَا لِي أَرَاك مُغَطِّيًا يَدَيْكَ؟ قَالَ قِيلَ لِي لَنْ نُصْلِحَ مِنْكَ مَا أَفْسَدْتَ فَقَصَّهَا الطُّفَيْلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِيَدَيْهِ فَاغْفِرْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ
ــ
[نيل الأوطار]
قَوْلُهُ: (فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَعْنَى كَوْنِهِمَا فِي النَّارِ أَنَّهُمَا يَسْتَحِقَّانِ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ أَمْرَهُمَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى إنْ شَاءَ عَاقَبَهُمَا ثُمَّ أَخْرَجَهُمَا مِنْ النَّارِ كَسَائِرِ الْمُوَحِّدِينَ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُمَا أَصْلًا. وَقِيلَ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ، وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِلْخَوَارِجِ. وَمَنْ قَالَ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ بِأَنَّ أَهْلَ الْمَعَاصِي مُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ: " الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ " اسْتِمْرَارُ بَقَائِهِمَا فِيهَا. وَاحْتَجَّ بِهِ مَنْ لَمْ يَرَ الْقِتَالَ فِي الْفِتْنَةِ وَهُمْ كُلُّ مَنْ تَرَكَ الْقِتَالَ مَعَ عَلِيٍّ فِي حُرُوبِهِ كَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةُ وَأَبِي بَكْرَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَقَالُوا: يَجِبُ الْكَفُّ حَتَّى لَوْ أَرَادَ قَتْلَهُ لَمْ يَدْفَعْهُ عَنْ نَفْسِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَدْخُلُ فِي الْفِتْنَةِ فَإِنْ أَحَدٌ أَرَادَ قَتْلَهُ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ انْتَهَى.
وَيَدُلُّ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ دَفْعِ الصَّائِلِ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ، وَفِيهِ " أَرَأَيْت إنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ: قَاتِلْهُ " وَيَدُلُّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحَادِيثِ فِي بَابِ أَنَّ الدَّفْعَ لَا يَلْزَمُ الْمَصُولَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الْكِتَابِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَذَهَبَ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إلَى وُجُوبِ نُصْرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute