للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

دَاءٍ، فَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا كَذَلِكَ وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِالْقَتْلِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ إلَّا أَنْ يَرْضَى أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ بِالدِّيَةِ أَوْ يَقَعَ مِنْهُمْ الْعَفْوُ

قَوْلُهُ: (وَإِنَّ فِي النَّفْسِ الدِّيَةَ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ) الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْ أَنْوَاعِ الدِّيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فِي الْأَصْلِ الْوُجُوبُ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَمِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ الْقَاسِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَا: وَبَقِيَّةُ الْأَصْنَافِ كَانَتْ مُصَالَحَةً لَا تَقْدِيرًا شَرْعِيًّا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ لَهُ: بَلْ هِيَ مِنْ الْإِبِلِ لِلنَّصِّ، وَمِنْ النَّقْدَيْنِ تَقْوِيمًا إذْ هُمَا قِيَمُ الْمُتْلَفَاتِ وَمَا سِوَاهُمَا صُلْحٌ. وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى أَنَّ الدِّيَةَ مِنْ الْإِبِلِ مِائَةٌ، وَمِنْ الْبَقَرِ مِائَتَانِ وَمِنْ الْغَنَمِ أَلْفَانِ، وَمِنْ الذَّهَبِ أَلْفُ مِثْقَالٍ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْفِضَّةِ فَذَهَبَ الْهَادِي وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ إلَى أَنَّهَا عَشْرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِ لَهُ إلَى أَنَّهَا اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.

قَالَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالنَّاصِرُ: أَوْ مِائَتَا حُلَّةٍ، الْحُلَّةُ: إزَارٌ وَرِدَاءٌ أَوْ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلٌ، وَسَتَأْتِي أَدِلَّةُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فِي بَابِ أَجْنَاسِ الدِّيَةِ، وَسَيَأْتِي أَيْضًا الْخِلَافُ فِي صِفَةِ الْإِبِلِ وَتَنَوُّعِهَا

قَوْلُهُ: (وَإِنَّ فِي الْأَنْفِ إذَا أُوعِبَ جَدْعُهُ الدِّيَةَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ مِنْ أَوْعَبَ عَلَى الْبِنَاءِ لَلْمَجْهُول أَيْ قُطِعَ جَمِيعُهُ.

وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي قَطْعِ الْأَنْفِ جَمِيعِهِ الدِّيَةُ، قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَصْلُ: وَالْأَنْفُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ قَصَبَةٍ وَمَارِنٍ وَأَرْنَبَةٍ وَرَوْثَةٍ، وَفِيهَا الدِّيَةُ إذَا اُسْتُؤْصِلَتْ مِنْ أَصْلِ الْقَصَبَةِ إجْمَاعًا ثُمَّ قَالَ: فَرْعٌ: قَالَ الْهَادِي: وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعِ حُكُومَةٌ. وَقَالَ النَّاصِرُ وَالْفُقَهَاءُ: بَلْ فِي الْمَارِنِ الدِّيَةُ وَفِي بَعْضِهِ حِصَّتُهُ.

وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَارِنَ وَحْدَهُ لَا يُسَمَّى أَنْفًا وَإِنَّمَا الدِّيَةُ فِي الْأَنْفِ. وَرُدَّ بِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ قَالَ: عِنْدَنَا فِي كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَفِي الْأَنْفِ إذَا قُطِعَ مَارِنُهُ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ» .

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «قَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا جُدِعَتْ ثُنْدُوَةُ الْأَنْفِ بِنِصْفِ الْعَقْلِ خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ وَعَدْلُهَا مِنْ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ»

قَالَ فِي النِّهَايَةِ: أَرَادَ بِالثَّنْدُوَةِ هُنَا رَوْثَةَ الْأَنْفِ وَهِيَ طَرَفُهُ وَمُقَدَّمُهُ. اهـ. وَإِنَّمَا قَالَ: أَرَادَ بِالثَّنْدُوَةِ هُنَا لِأَنَّهَا فِي الْأَصْلِ لَحْمُ الثَّدْيِ أَوْ أَصْلُهُ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ وَفِي الْقَامُوسِ أَيْضًا أَنَّ الْمَارِنَ: الْأَنْفُ أَوْ طَرَفُهُ أَوْ مَا لَانَ مِنْهُ، وَفِيهِ أَنَّ الْأَرْنَبَةَ طَرَفُ الْأَنْفِ، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الرَّوْثَةَ طَرَفُ الْأَرْنَبَةِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَرْعٌ: فَإِنْ قَطَعَ الْأَرْنَبَةَ وَهِيَ الْغُضْرُوفُ الَّذِي يَجْمَعُ الْمَنْخِرَيْنِ فَفِيهِ الدِّيَةُ إذْ هُوَ زَوْجٌ كَالْعَيْنَيْنِ وَفِي الْوَتَرَةِ حُكُومَةٌ، وَهِيَ الْحَاجِزَةُ بَيْنَ الْمَنْخِرَيْنِ وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي الْحَاجِزِ حُكُومَةٌ فَإِنْ قَطَعَ الْمَارِنَ وَالْقَصَبَةَ أَوْ الْمَارِنَ وَالْجِلْدَةَ الَّتِي تَحْتَهُ لَزِمَتْ دِيَةٌ وَحُكُومَةٌ. اهـ. وَالْوَتْرَةُ هِيَ الْوَتِيرَةُ.

قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَهِيَ حِجَابُ مَا بَيْنَ الْمَنْخِرَيْنِ

قَوْلُهُ: (وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي اللِّسَانِ إذَا قُطِعَ جَمِيعُهُ الدِّيَةُ. وَقَدْ حَكَى صَاحِبُ الْبَحْرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ: فَإِنْ جَنَى مَا أَبْطَلَ كَلَامَهُ فَدِيَةٌ، فَإِنْ أَبْطَلَ بَعْضُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>