للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

فَحِصَّتُهُ، وَيُعْتَبَرُ بِعَدَدِ الْحُرُوفِ. وَقِيلَ: بِعَدَدِ حُرُوفِ اللِّسَانِ فَقَطْ وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَرْفًا لَا بِمَا عَدَاهَا. وَاخْتُلِفَ فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ إذَا قُطِعَتْ فَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إلَى أَنَّهَا يَجِبُ فِيهَا حُكُومَةٌ فَقَطْ. وَذَهَبَ النَّخَعِيّ إلَى أَنَّهَا يَجِبُ فِيهَا دِيَةٌ. قَوْلُهُ: (وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ) إلَى هَذَا ذَهَبَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقِيلَ: إنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَحَدُّهُمَا مِنْ تَحْتِ الْمَنْخِرَيْنِ إلَى مُنْتَهَى الشِّدْقَيْنِ فِي عَرْضِ الْوَجْهِ وَلَا فَضْلَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَالنَّاصِرِ وَالْهَادَوِيَّةِ.

وَذَهَبَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ إلَى أَنَّ دِيَةَ الْعُلْيَا ثُلُثٌ وَالسُّفْلَى ثُلُثَانِ، وَمِثْلُهُ فِي الْمُنْتَخَبِ، قَالَ فِي الْبَحْرِ: إذْ مَنَافِعُ السُّفْلَى أَكْثَرُ لِلْجَمَالِ وَالْإِمْسَاكِ يَعْنِي لِلطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَأَجَابَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ» وَلَمْ يُفَصِّلْ

وَلَا يَخْفَى أَنَّ غَايَة مَا فِي هَذَا أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْمَجْمُوعِ دِيَةٌ وَلَيْسَ ظَاهِرًا فِي أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ دِيَةٍ حَتَّى يَكُونَ تَرْكُ الْفَصْلِ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُشْعِرًا بِذَلِكَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ فِي السُّفْلَى نَفْعًا زَائِدًا عَلَى النَّفْعِ الْكَائِنِ فِي الْعُلْيَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا الْإِمْسَاكُ لِلطَّعَامِ وَالشَّرَابِ عَلَى فَرْضِ الِاسْتِوَاءِ فِي الْجَمَالِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْبَيْضَتَيْنِ الدِّيَةُ) فِي رِوَايَةٍ: " وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ الدِّيَةُ " وَمَعْنَاهُمَا وَمَعْنَى الْبَيْضَتَيْنِ وَاحِدٌ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَالضِّيَاءِ وَالْقَامُوسِ. وَذَكَرَ فِي الْغَيْثِ أَنَّ الْأُنْثَيَيْنِ هُمَا الْجِلْدَتَانِ الْمُحِيطَتَانِ بِالْبَيْضَتَيْنِ فَيُنْظَرُ فِي أَصْلِ ذَلِكَ فَإِنَّ كُتُبَ اللُّغَةِ عَلَى خِلَافِهِ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّ وُجُوبَ الدِّيَةِ فِي الْبَيْضَتَيْنِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ الدِّيَةِ

وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّ فِي الْيُسْرَى ثُلُثَا الدِّيَةِ إذْ النَّسْلُ مِنْهَا وَفِي الْيُمْنَى ثُلُثُهَا، وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ) هَذَا مِمَّا لَا يُعْرَفُ فِيهِ خِلَافٌ بَيْن أَهْلِ الْعِلْمِ، وَظَاهِرُ الدَّلِيلِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ ذَكَرِ الشَّابِّ وَالشَّيْخِ وَالصَّبِيّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَالْإِمَامُ يَحْيَى.

وَأَمَّا ذَكَرُ الْعِنِّينِ وَالْخَصِيِّ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ فِيهِ حُكُومَةً، وَذَهَبَ الْبَعْضُ إلَى أَنَّ فِيهِ الدِّيَةَ إذْ لَمْ يُفَصَّلْ الدَّلِيلُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الصُّلْبُ بِالضَّمِّ وَبِالتَّحْرِيكِ عَظْمٌ مِنْ لَدُنْ الْكَاهِلِ إلَى الْعَجْبِ، اهـ. وَلَا أَعْرِفُ خِلَافًا فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ فِيهِ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْمُرَادَ بِالصُّلْبِ هُنَا هُوَ مَا فِي الْجَدْوَلِ الْمُنْحَدِرِ مِنْ الدِّمَاغِ لِتَفْرِيقِ الرُّطُوبَةِ فِي الْأَعْضَاءِ لَا نَفْسُ الْمَتْنِ بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: فِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ إذَا مَنَعَ مِنْ الْجِمَاعِ هَكَذَا فِي ضَوْءِ النَّهَارِ

وَالْأَوْلَى حَمْلُ الصُّلْبِ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ؟ وَعَلَى فَرْضِ صَلَاحِيَةِ قَوْلِ عَلِيٍّ لِتَقْيِيدِ مَا ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَيْسَ مِنْ لَازِمِهِ تَفْسِيرُ الصُّلْبِ بِغَيْرِ الْمَتْنِ، بَلْ غَايَتُهُ أَنْ يُعْتَبَرَ مَعَ كَسْرِ الْمَتْنِ زِيَادَةٌ، وَهِيَ الْإِفْضَاءُ إلَى مَنْعِ الْجِمَاعِ لَا مُجَرَّدَ الْكَسْرِ مَعَ إمْكَانِ الْجِمَاعِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةَ) هَذَا مِمَّا لَا أَعْرِفُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ،.

وَكَذَلِكَ يُعْرَفُ الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ فِي كُلِّ عَيْنٍ نِصْفُ الدِّيَةِ. وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>