للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣١٨٦ - (عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ حِدَاثُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ قَوْلِ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ، لَا يُجَاوِزُ إيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

٣١٨٧ - (وَعَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّهُ كَانَ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ الَّذِينَ سَارُوا إلَى الْخَوَارِجِ، فَقَالَ «عَلِيٌّ: أَيّهَا النَّاسُ إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَيْسَ قِرَاءَتُكُمْ إلَى قِرَاءَتِهِمْ بِشَيْءٍ، وَلَا صَلَاتُكُمْ إلَى صَلَاتِهِمْ بِشَيْءٍ، وَلَا صِيَامُكُمْ إلَى صِيَامِهِمْ بِشَيْءٍ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ، لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، لَوْ يَعْلَمُ الْجَيْشُ الَّذِينَ يُصِيبُونَهُمْ مَا قَضَى لَهُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَنَكَلُوا

ــ

[نيل الأوطار]

ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَتَّى يَسِيلَ صَدِيدُهُ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ ثَلَاثًا فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ، وَفِي الْحَارَّةِ يُنْزَلُ قَبْلَ الثَّلَاثِ.

وَقَالَ النَّاصِرُ وَالشَّافِعِيُّ: يُنْزَلُ بَعْدَ الثَّلَاثِ ثُمَّ يُقْتَلُ إنْ لَمْ يَمُتْ وَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ إنْ تَابَ. وَقَدْ رَجَّحَ صَاحِبُ الْبَحْرِ أَنَّ الْآيَةَ لِلتَّخْيِيرِ وَتَكُونُ الْعُقُوبَةُ بِحَسَبِ الْجِنَايَاتِ، وَأَنَّ التَّقْدِيرَ أَنْ يُقْتَلُوا إذَا قَتَلُوا، وَيُصْلَبُوا بَعْدَ الْقَتْلِ إذَا قَتَلُوا وَأَخَذُوا الْمَالَ، وَتُقْطَعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ إذَا أَخَذُوا فَقَطْ، أَوْ يُنْفَوْا مِنْ الْأَرْضِ إذَا أَخَافُوا فَقَطْ، إذْ مُحَارَبَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ مُتَنَوِّعَةٌ كَذَلِكَ، وَهُوَ مِثْلُ تَفْسِيرِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمَنَارِ: إنَّ الْآيَةَ تَحْتَمِلُ التَّخْيِيرَ احْتِمَالًا مَرْجُوحًا. قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ حَصْرُ أَنْوَاعِ عُقُوبَةِ الْمُحَارَبَةِ مِثْلُ {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: ٦٠] الْآيَةُ.

قَالَ: وَهُوَ مِثْلُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ، يَعْنِي فِي كَلَامِهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلَ هَذَا، وَرَجَّحَ صَاحِبُ ضَوْءِ النَّهَارِ اخْتِصَاصَ أَحْكَامِ الْمُحَارِبِ بِالْكَافِرِ لِتَتِمَّ فَوَائِدُ وَتَنْدَفِعَ مَفَاسِدُ ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ، وَهُوَ كَلَامٌ رَصِينٌ لَوْلَا أَنَّهُ قَصْرٌ لِلْعَامِّ عَلَى السَّبَبِ الْمُخْتَلَفِ فِي كَوْنِهِ هُوَ السَّبَبَ. وَلِلْعُلَمَاءِ فِي تَفْصِيلِ أَحْكَامِ الْمُحَارِبِينَ أَقْوَالٌ مُنْتَشِرَةٌ مَبْسُوطَةٌ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ، وَقَدْ أَوْرَدَ مِنْهَا فِي هَذَا الشَّرْحِ طَرَفًا مُفِيدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>