. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
لَمْ يُقْبَلْ وَإِلَّا قُبِلَ. وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْعِتْرَةِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَمُحَمَّدٍ أَنَّهَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ الزِّنْدِيقِ لِعُمُومِ {إنْ يَنْتَهُوا} . وَعَنْ مَالِكٍ وَأَبِي يُوسُفَ وَالْجَصَّاصِ: لَا تُقْبَلُ إذْ يُعْرَفُ مِنْهُمْ التَّظَهُّرُ تَقِيَّةً بِخِلَافِ مَا يَنْطِقُونَ بِهِ. قَالَ الْمَهْدِيُّ: فَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ حِينَئِذٍ فَيُرْجَعُ إلَى الْقَرَائِنِ، لَكِنَّ الْأَقْرَبَ الْعَمَلُ بِالظَّاهِرِ، وَإِنْ الْتَبَسَ الْبَاطِنُ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ اسْتَأْذَنَهُ فِي قَتْلِ مُنَافِقٍ: «أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» الْخَبَرَ وَنَحْوِهِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَاسْتَدَلَّ مَنْ مَنَعَ مِنْ قَبُولِ تَوْبَةِ الزِّنْدِيقِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا} [البقرة: ١٦٠] فَقَالَ: الزِّنْدِيقُ لَا يُطَّلَعُ عَلَى إصْلَاحِهِ لِأَنَّ الْفَسَادَ إنَّمَا أَتَى مِمَّا أَسَرَّهُ، فَإِذَا اُطُّلِعَ عَلَيْهِ وَأَظْهَرَ الْإِقْلَاعَ عَنْهُ لَمْ يُرَدَّ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} [النساء: ١٣٧] . وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ كَمَا فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. أَخْرَجَهُ عَنْهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. وَاسْتَدَلَّ لِمَنْ قَالَ بِالْقَبُولِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} [المنافقون: ٢] فَدَلَّ عَلَى أَنَّ إظْهَارَ الْإِيمَانِ يُحَصِّنُ مِنْ الْقَتْلِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَكُلُّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ أَحْكَامَ الدُّنْيَا عَلَى الظَّاهِرِ وَاَللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأُسَامَةَ: «هَلَّا شَقَقْت عَنْ قَلْبِهِ» وَقَالَ لِلَّذِي سَارَّهُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ: «أَلَيْسَ يُصَلِّي؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أُولَئِكَ الَّذِينَ نُهِيت عَنْ قَتْلِهِمْ» «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِخَالِدٍ لَمَّا اسْتَأْذَنَهُ فِي قَتْلِ الَّذِي أَنْكَرَ الْقِسْمَةَ: إنِّي لَمْ أُومَرْ بِأَنْ أُنَقِّبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ» وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي الصَّحِيحِ، وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَتْبَعَهُ) بِهَمْزَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ سَاكِنَةٍ. قَوْلُهُ: (مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ) بِالنَّصْبِ أَيْ بَعْدَهُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَلْحَقَهُ بِهِ بَعْدَ أَنْ تَوَجَّهَ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَاتَّبَعَهُ بِهَمْزَةِ وَصْلٍ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ، وَمُعَاذٌ بِالرَّفْعِ. قَوْلُهُ: (فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ) فِي الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ عَلَى عَمَلٍ مُسْتَقِلٍّ، وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ إذَا سَارَ فِي أَرْضِهِ بِقُرْبٍ مِنْ صَاحِبِهِ أَحْدَثَ بِهِ عَهْدًا وَفِي أُخْرَى لَهُ: " فَجَعَلَا يَتَزَاوَرَانِ ". قَوْلُهُ: (وِسَادَةً) هِيَ مَا تُجْعَلُ تَحْتَ رَأْسِ النَّائِمِ، كَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ، قَالَ: وَكَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ أَنَّ مَنْ أَرَادُوا إكْرَامَهُ وَضَعُوا الْوِسَادَةَ تَحْتَهُ مُبَالَغَةً فِي إكْرَامِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ. . . إلَخْ) هِيَ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالْجَوَابِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ. قَوْلُهُ: (قَضَاءُ اللَّهِ) خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ وَيَجُوزُ النَّصْبُ.
قَوْلُهُ: (فَضَرَبَ عُنُقَهُ) فِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ «فَأُتِيَ بِحَطَبٍ فَأَلْهَبَ فِيهِ النَّارَ فَكَتَّفَهُ وَطَرَحَهُ فِيهَا» . وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهُ ضَرَبَ عُنُقَهُ ثُمَّ أَلْقَاهُ فِي النَّارِ. قَوْلُهُ: (هَلْ مِنْ مُغْرِبَةِ خَبَرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا مَعَ الْإِضَافَةِ فِيهِمَا، مَعْنَاهُ: هَلْ مِنْ خَبَرٍ جَدِيدٍ مِنْ بِلَادٍ بَعِيدَةٍ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: شُيُوخُ الْمُوَطَّإِ فَتَحُوا الْغَيْنَ وَكَسَرُوا الرَّاءَ وَشَدَّدُوهَا. قَوْلُهُ: (هَلَّا حَبَسْتُمُوهُ. . . إلَخْ) وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ: " فَدَعَاهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً. . . إلَخْ " اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ مَنْ أَوْجَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute