٣٢٣٢ - (عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: جَاءَ وَفْدُ بُزَاخَةَ مِنْ أَسَدٍ وَغَطَفَانَ إلَى أَبِي بَكْرٍ يَسْأَلُونَهُ الصُّلْحَ فَخَيَّرَهُمْ بَيْنَ الْحَرْبِ الْمُجْلِيَةِ، وَالسِّلْمِ الْمُخْزِيَةِ، فَقَالُوا: هَذِهِ الْمُجْلِيَةُ
ــ
[نيل الأوطار]
أَصْبَهَانَ مَا يُؤَيِّدُ كَوْنَ ابْنِ صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالَ: عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا افْتَتَحْنَا أَصْبَهَانَ كَانَ بَيْنَ عَسْكَرِنَا وَبَيْنَ الْيَهُودِ فَرْسَخٌ فَكُنَّا نَأْتِيهَا فَنَمْتَارُ مِنْهَا، فَأَتَيْنَا يَوْمًا فَإِذَا الْيَهُودُ يَزْفِنُونَ، فَسَأَلْت صَدِيقًا لِي مِنْهُمْ، فَقَالَ: هَذَا مَلِكُنَا الَّذِي نَسْتَفْتِحُ بِهِ الْعَرَبَ، فَدَخَلْت فَبِتّ عَلَى سَطْحٍ فَصَلَّيْت الْغَدَاةَ فَلَمَّا طَلَعَتْ الشَّمْسُ إذَا الْوَهَجُ مِنْ قِبَلِ الْعَسْكَرِ، فَنَظَرْت فَإِذَا هُوَ ابْنُ صَيَّادٍ، فَدَخَلَ الْمَدِينَةَ فَلَمْ يَعُدْ حَتَّى السَّاعَةَ. قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ أَنْ سَاقَ هَذِهِ الْقِصَّةَ: وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ مَا عَرَفْته وَالْبَاقُونَ ثِقَاتٌ.
وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: فَقَدْنَا ابْنَ صَيَّادٍ يَوْمَ الْحَرَّةِ. وَفَتْحُ أَصْبَهَانَ كَانَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي تَارِيخِهَا. وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ مَرْفُوعًا أَنَّ «الدَّجَّالَ يَخْرُجُ مِنْ أَصْبَهَانَ» . وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا بِسَنَدٍ صَحِيحٍ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ لَكِنْ عِنْدَهُ مِنْ يَهُودِيَّةِ أَصْبَهَانَ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ يَهُودِيَّةَ أَصْبَهَانَ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَخْتَصُّ بِسُكْنَى الْيَهُودِ.
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَأَقْرَبُ مَا يَجْمَعُ بَيْنَ مَا تَضَمَّنَهُ حَدِيثُ تَمِيمٍ وَكَوْنِ ابْنِ صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالَ أَنَّ الدَّجَّالَ بِعَيْنِهِ هُوَ الَّذِي شَاهَدَهُ تَمِيمٌ مُوثَقًا، وَأَنَّ ابْنَ صَيَّادٍ هُوَ سُلْطَانٌ تَبَدَّى فِي صُورَةِ الدَّجَّالِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ إلَى أَنْ تَوَجَّهَ إلَى أَصْبَهَانَ فَاسْتَتَرَ مَعَ قَرِينِهِ إلَى أَنْ تَجِيءَ الْمُدَّةُ الَّتِي قَدَّرَ اللَّهُ تَعَالَى خُرُوجَهُ فِيهَا. وَقِصَّةُ تَمِيمٍ السَّابِقَةُ قَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ مِنْ عَدَمِ إخْرَاجِ الْبُخَارِيِّ لَهَا أَنَّهَا غَرِيبَةٌ وَهُوَ وَهْمٌ فَاسِدٌ وَهِيَ ثَابِتَةٌ عِنْدَ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ. وَأَخْرَجَهَا أَبُو يَعْلَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.
وَأَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُد بِسَنَدٍ حَسَنٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَفِي هَذَا الْمِقْدَارِ كِفَايَةٌ. وَإِنَّمَا تَكَلَّمْنَا عَلَى قِصَّةِ ابْنِ صَيَّادٍ مَعَ كَوْنِ الْمَقَامِ لَيْسَ مَقَامَ الْكَلَامِ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مِنْ الْمُشْكِلَاتِ الْمُعْضِلَاتِ الَّتِي لَا يَزَالُ أَهْلُ الْعِلْمِ يَسْأَلُونَ عَنْهَا فَأَرَدْنَا أَنْ نَذْكُرَ هَهُنَا مَا فِيهِ تَحْلِيلُ ذَلِكَ الْإِشْكَالِ وَحَسْمُ مَادَّةِ ذَلِكَ الْإِعْضَالِ.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ أُطُمِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ: وَهُوَ الْبِنَاءُ الْمُرْتَفِعُ. قَوْلُهُ: (أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ) اسْتَدَلَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى صِحَّةِ إسْلَامِ الْمُمَيِّزِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ الْبَابِ وَكَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بَقِيَّةُ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ فِي إسْلَامِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مِقْدَارِ سِنِّهِ عِنْدَ الْمَوْتِ عَلَى أَقْوَالٍ مَذْكُورَةٍ فِي كُتُبِ التَّارِيخِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute