للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

أُعَلِّمْك مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي؟ فَيَقُولَ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيمَا عُلِّمْتَ؟ فَيَقُولُ: كُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: كَذَبْتَ، وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: كَذَبْتَ إنَّمَا أَرَدْت أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ قَارِئٌ، وَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ» ، وَذَكَرَ نَحْوَ ذَلِكَ فِي الَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاَلَّذِي لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ.

قَوْلُهُ: (نِعَمَهُ) بِكَسْرِ النُّون وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ: جَمْعُ نِعْمَةٍ بِسُكُونِ الْعَيْنِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِعْلَ الطَّاعَاتِ الْعَظِيمَةِ مَعَ سُوءِ النِّيَّةِ مِنْ أَعْظَمِ الْوَبَالِ عَلَى فَاعِلِهِ، فَإِنَّ الَّذِي أَوْجَبَ سَحْبَهُ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ هُوَ فِعْلُ تِلْكَ الطَّاعَةِ الْمَصْحُوبَةِ بِتِلْكَ النِّيَّةِ الْفَاسِدَةِ، وَكَفَى بِهَذَا رَادِعًا لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ. اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ صَلَاحَ النِّيَّةِ وَخُلُوصَ الطَّوِيَّةِ.

وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ وَيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ وَيَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إلَيْهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ» وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَعَوَّذُوا بِاَللَّهِ مِنْ جُبِّ الْحَزَنِ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا جُبُّ الْحَزَنِ؟ قَالَ: وَادٍ فِي جَهَنَّمَ تَتَعَوَّذُ مِنْهُ جَهَنَّمُ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَدْخُلُهُ؟ قَالَ: الْقُرَّاءُ الْمُرَاءُونَ بِأَعْمَالِهِمْ»

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ رِجَالٌ يَخْتِلُونَ الدُّنْيَا بِالدِّينِ، يَلْبَسُونَ لِلنَّاسِ جُلُودَ الضَّأْنِ، أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ، وَقُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الذِّئَابِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَبِي تَغْتَرُّونَ أَمْ عَلَيَّ تَجْتَرِئُونَ، فَبِي حَلَفْتُ لَأَبْعَثَنَّ عَلَى أُولَئِكَ مِنْهُمْ فِتْنَةً تَذَرُ الْحَلِيمَ فِيهِمْ حَيْرَانَ» وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَة فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ فَيَدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِالرَّحَى فَتَجْتَمِعُ إلَيْهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ: يَا فُلَانُ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ، فَيَقُولَ: بَلَى كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ، وَأَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ» وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ يَرْفَعُهُ قَالَ «إنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ» قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَا يُحْفَظُ لَهُ عِلَّةٌ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «الشِّرْكُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ» وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَعَنْ أَبِي مُوسَى وَأَبِي بَكْرٍ وَحُذَيْفَةَ وَمَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رَوَاهَا الْهَيْثَمِيُّ.

وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا: «مَنْ سَمَّعَ بِعِلْمِهِ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ سَامِعَ خَلْقِهِ وَصَغَّرَهُ وَحَقَّرَهُ» . قَوْلُهُ: (بُعُوثٌ) جَمْعُ بَعْثٍ: وَهُوَ طَائِفَةٌ مِنْ الْجَيْشِ يُبْعَثُونَ فِي الْغَزْوِ كَالسَّرِيَّةِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>