للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٩٠ - (وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: «إنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا يَقُولُونَ: الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ رُخْصَةٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ بِهَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَمَرَنَا بِالِاغْتِسَالِ بَعْدَهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَفِي لَفْظٍ إنَّمَا كَانَ الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ رُخْصَةٌ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُهِيَ عَنْهَا. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ)

ــ

[نيل الأوطار]

الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَوْضِعُ الْخَتْنِ، وَالْخَتْنُ فِي الْمَرْأَةِ قَطْعُ جِلْدَةٍ فِي أَعْلَى الْفَرْجِ مُجَاوِرَةٍ لِمَخْرَجِ الْبَوْلِ، كَعُرْفِ الدِّيكِ وَيُسَمَّى: الْخِفَاضُ.

قَوْلُهُ: (جَاوَزَ) وَرَدَ بِلَفْظِ الْمُجَاوَزَةِ، وَبِلَفْظِ الْمُلَاقَاةِ، وَبِلَفْظِ الْمُلَامَسَةِ، وَبِلَفْظِ الْإِلْزَاقِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُلَاقَاةِ: الْمُحَاذَاةُ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: إذَا غَابَتْ الْحَشَفَةُ فِي الْفَرْجِ فَقَدْ وَقَعَتْ الْمُلَاقَاةُ.

قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ: وَهَكَذَا مَعْنَى مَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ أَيْ قَارَبَهُ وَدَانَاهُ، وَمَعْنَى إلْزَاقِ الْخِتَانِ بِالْخِتَانِ إلْصَاقُهُ بِهِ، وَمَعْنَى الْمُجَاوَزَةِ ظَاهِرٌ. قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ حَاكِيًا عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةُ اللَّمْسِ وَلَا حَقِيقَةُ الْمُلَاقَاةِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْمَجَازِ وَالْكِنَايَةِ عَنْ الشَّيْءِ بِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُلَامَسَةٌ أَوْ مُقَارَبَةٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ أَنَّ خِتَانَ الْمَرْأَةِ فِي أَعْلَى الْفَرْجِ، وَلَا يَمَسُّهُ الذَّكَرُ فِي الْجِمَاعِ. وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ ذَكَرَهُ عَلَى خِتَانِهَا. وَلَمْ يُولِجْهُ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ قَدْرٍ زَائِدٍ عَلَى الْمُلَاقَاةِ، وَهُوَ مَا وَقَعَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِلَفْظِ: «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَتَوَارَتْ الْحَشَفَةُ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ» أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالتَّصْرِيحُ بِلَفْظِ الْوُجُوبِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ مُشْعِرٌ بِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْحَتْمِ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ مُجَرَّدَ مُلَاقَاةِ الْخِتَانِ الْخِتَانَ سَبَبٌ لِلْغُسْلِ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهُوَ يُفِيدُ الْوُجُوبَ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ حَائِلٌ انْتَهَى. وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُلَاقَاةَ وَالْمُجَاوَزَةَ لَا يَتَوَقَّفُ صِدْقُهُمَا عَلَى عَدَمِهِ.

٢٩٠ - (وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: «إنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا يَقُولُونَ: الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ رُخْصَةٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ بِهَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَمَرَنَا بِالِاغْتِسَالِ بَعْدَهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَفِي لَفْظٍ إنَّمَا كَانَ الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ رُخْصَةٌ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُهِيَ عَنْهَا. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) . الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.

وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي بَعْضُ مَنْ أَرْضَى أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ، وَجَزَمَ مُوسَى بْنُ هَارُونَ وَالدَّارَقُطْنِيّ بِأَنَّ الزُّهْرِيَّ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ سَهْلٍ. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يُسَمِّهِ الزُّهْرِيُّ هُوَ أَبُو حَازِمٍ، ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أُبَيٍّ قَالَ: (إنَّ الْفُتْيَا) . وَسَاقَهُ بِلَفْظِ: الْكِتَابِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: (فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ) . وَقَدْ سَاقَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ أَيْضًا عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَهْلٌ، قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا يَدْفَعُ قَوْلَ مَنْ جَزَمَ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: أَهَابُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>