٣٣٣٩ - (عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ: «تَقَدَّمَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَمَعَهُ ابْنُهُ وَأَخُوهُ فَنَادَى مَنْ يُبَارِزُ؟ فَانْتُدِبَ لَهُ شَبَابٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ لَا حَاجَةَ لَنَا فِيكُمْ إنَّا أَرَدْنَا بَنِي عَمِّنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُمْ يَا حَمْزَةُ قُمْ يَا عَلِيُّ، قُمْ يَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ، فَأَقْبَلَ حَمْزَةُ إلَى عُتْبَةُ، وَأَقْبَلْتُ إلَى شَيْبَةَ، وَاخْتَلَفَ بَيْنَ عُبَيْدَةَ وَالْوَلِيدِ ضَرْبَتَانِ، فَأَثْخَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا صَاحِبَهُ ثُمَّ مِلْنَا إلَى الْوَلِيدِ فَقَتَلْنَاهُ وَاحْتَمَلْنَا عُبَيْدَةَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد) .
٣٣٤٠ - (وَعَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجْثُو لِلْخُصُومَةِ بَيْنَ يَدَيْ
ــ
[نيل الأوطار]
فِي حَالِ حَرْبٍ قَالَ الْحَافِظُ وَالْجَوَابُ الْمُسْتَقِيمُ أَنْ يُقَالَ الْمَنْعُ مُطْلَقًا مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَتَعَاطَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا لِغَيْرِهِ وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ غَزْوَةً وَرَّى بِغَيْرِهَا فَإِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ أَمْرًا فَلَا يُظْهِرُهُ كَأَنْ يُرِيدَ أَنْ يَغْزُوَ جِهَةَ الْمَشْرِقِ فَيَسْأَلَ عَنْ أَمْرٍ فِي جِهَةِ الْغَرْبِ وَيَتَجَهَّزَ لِلسَّفَرِ فَيَظُنَّ مَنْ يَرَاهُ وَيَسْمَعُهُ أَنَّهُ يُرِيدُ جِهَةَ الْمَغْرِبِ، وَأَمَّا أَنَّهُ يُصَرِّحُ بِإِرَادَتِهِ الْمَغْرِبَ وَمُرَادُهُ الْمَشْرِقُ فَلَا.
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: سَأَلْت بَعْضَ شُيُوخِي عَنْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ الْكَذِبُ الْمُبَاحُ فِي الْحَرْبِ مَا يَكُونُ فِي الْمَعَارِيضِ لَا التَّصْرِيحِ بِالتَّأْمِينِ مَثَلًا. وَقَالَ الْمُهَلَّبُ لَا يَجُوزُ الْكَذِبُ الْحَقِيقِيُّ فِي شَيْءٍ مِنْ الدِّينِ أَصْلًا قَالَ: وَمُحَالٌ أَنْ يَأْمُرَ بِالْكَذِبِ مَنْ يَقُولُ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» وَيَرُدُّهُ مَا تَقَدَّمَ. قَالَ الْحَافِظُ: وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَذِبِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا لَا يُسْقِطُ حَقًّا عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا أَوْ أَخْذِ مَا لَيْسَ لَهُ أَوْ لَهَا وَكَذَا فِي الْحَرْبِ فِي غَيْرَ التَّأْمِينِ وَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ الْكَذِبِ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ كَمَا لَوْ قَصَدَ ظَالِمٌ قَتْلَ رَجُلٍ وَهُوَ مُخْتَفٍ عِنْدَهُ فَلَهُ أَنْ يَنْفِيَ كَوْنَهُ عِنْدَهُ وَيَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَأْثَمُ. انْتَهَى. وَقَالَ الْقَاضِي زَكَرِيَّا: وَضَابِطُ مَا يُبَاحُ مِنْ الْكَذِبِ وَمَا لَا يُبَاحُ أَنَّ الْكَلَامَ وَسِيلَةٌ إلَى الْمَقْصُودِ فَكُلُّ مَقْصُودٍ مَحْمُودٌ إنْ أَمْكَنَ التَّوَصُّلُ إلَيْهِ بِالصِّدْقِ فَالْكَذِبُ فِيهِ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا بِالْكَذِبِ فَهُوَ مُبَاحٌ إنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مُبَاحًا وَوَاجِبٌ إنْ كَانَ الْمَقْصُودُ وَاجِبًا. انْتَهَى.
وَالْحَقُّ أَنَّ الْكَذِبَ حَرَامٌ كُلُّهُ بِنُصُوصِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ مَا كَانَ مِنْهُ فِي مَقْصِدٍ مَحْمُودٍ أَوْ غَيْرِ مَحْمُودٍ وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ مِنْ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ نَعَمْ إنْ صَحَّ مَا قَدَّمْنَا عَنْ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُخَصِّصَاتِ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ الْقَاضِيَةِ بِالتَّحْرِيمِ عَلَى الْعُمُومِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute