. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
«وَلَقِيَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ وَمَعَهَا خِنْجَرٌ، فَقَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا هَذَا الَّذِي مَعَكِ؟ قَالَتْ: أَرَدْت وَاَللَّهِ إنْ دَنَا مِنِّي بَعْضُهُمْ أَبْعَجُ بِهِ بَطْنَهُ، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ أَبُو طَلْحَةَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .
وَأَخْرَجَ قِصَّةَ أُمِّ سُلَيْمٍ مُسْلِمٌ أَيْضًا.
وَحَدِيثُ عَوْفٍ وَخَالِدٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمْ يُخَمِّسْ السَّلَبَ» أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ وَالطَّبَرَانِيُّ. قَالَ الْحَافِظُ بَعْدَ ذِكْرِهِ فِي التَّلْخِيصِ مَا لَفْظُهُ: وَهُوَ ثَابِتٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ فِيهِ قِصَّةُ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْحُجَّةِ لَمْ يَكُنْ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، بَلْ الَّذِي هُوَ فِيهِ مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا، وَفِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَفِيهِ كَلَامٌ مَعْرُوفٌ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِرَارًا. قَوْلُهُ: (جَوْلَةٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ: أَيْ حَرَكَةٌ فِيهَا اخْتِلَاطٌ، وَهَذِهِ الْجَوْلَةُ كَانَتْ قَبْلَ الْهَزِيمَةِ. قَوْلُهُ: (فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ) قَالَ الْحَافِظُ: لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمَيْهِمَا. قَوْلُهُ: (عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ) حَبْلُ الْعَاتِقِ عَصَبُهُ، وَالْعَاتِقُ: مَوْضِعُ الرِّدَاءِ مِنْ الْمَنْكِبِ. قَوْلُهُ: (وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ) أَيْ مِنْ شِدَّتِهَا، وَأَشْعَرَ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا الْمُشْرِكَ كَانَ شَدِيدَ الْقُوَّةِ جِدًّا.
قَوْلُهُ: (فَأَرْسَلَنِي) أَيْ أَطْلَقَنِي. قَوْلُهُ: (فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ. . . إلَخْ) فِي السِّيَاقِ حَذْفٌ تُبَيِّنُهُ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى مِنْ حَدِيثِهِ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ بِلَفْظِ: " ثُمَّ قَتَلْتُهُ وَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ وَانْهَزَمْتُ مَعَهُمْ، فَإِذَا بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ". قَوْلُهُ: (أَمْرُ اللَّهُ) أَيْ حُكْمُ اللَّهِ وَمَا قَضَى بِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ سَلَبُهُ) السَّلَبُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّام بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ: هُوَ مَا يُوجَدُ مَعَ الْمُحَارِبِ مِنْ مَلْبُوسٍ وَغَيْرِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَعَنْ أَحْمَدَ: لَا تَدْخُلُ الدَّابَّةُ، وَعَنْ الشَّافِعِيِّ يَخْتَصُّ بِأَدَاةِ الْحَرْبِ. وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ أَيْضًا إلَى أَنَّ الْقَاتِلَ يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ، سَوَاءٌ قَالَ أَمِيرُ الْجَيْشِ قَبْلَ ذَلِكَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» أَمْ لَا؟ . وَذَهَبَتْ الْعِتْرَةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْقَاتِلُ إلَّا إنْ شَرَطَ لَهُ الْإِمَامُ ذَلِكَ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَ الْقَاتِلَ السَّلَبَ أَوْ يُخَمِّسَهُ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ. وَعَنْ إِسْحَاقَ إذَا كَثُرَتْ الْأَسْلَابُ خُمِّسَتْ. وَعَنْ مَكْحُولٍ وَالثَّوْرِيِّ يُخَمَّسُ مُطْلَقًا.
وَقَدْ حُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا. وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالْقَاسِمِيَّةِ. وَحُكِيَ أَيْضًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالشَّافِعِيِّ وَالْإِمَامِ يَحْيَى أَنَّهُ لَا يُخَمَّسُ. وَحُكِيَ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ مِثْلُ قَوْلِ إِسْحَاقَ. وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِتَخْمِيسِ السَّلَبِ بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] الْآيَةَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِ شَيْئًا، وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا خُمُسَ فِيهِ بِحَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ وَخَالِدٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ وَجَعَلُوهُ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ الْآيَةِ. قَوْلُهُ: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ) قَالَ الْوَاقِدِيُّ: اسْمُهُ أَسْوَدُ مِنْ خُزَاعَةَ. قَالَ الْحَافِظُ: وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ فِي الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ الَّذِي أَخَذَ السَّلَبَ قُرَشِيٌّ. قَوْلُهُ: (لَاهَا اللَّهِ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هَا لِلتَّنْبِيهِ، وَقَدْ يُقْسَمُ بِهَا، يُقَالُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute