. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
لَاهَا اللَّهِ مَا فَعَلْتُ كَذَا.
قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: فِيهِ شَاهِدٌ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ وَاوِ الْقَسَمِ بِحَرْفِ التَّنْبِيهِ، قَالَ: وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا مَعَ اللَّهِ: أَيْ لَمْ يُسْمَعْ لَاهَا الرَّحْمَنِ كَمَا سُمِعَ لَا وَالرَّحْمَنِ. قَالَ: وَفِي النُّطْقِ بِهَا أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: هَا اللَّهِ بِاللَّامِ بَعْدَ الْهَاء بِغَيْرِ إظْهَارِ شَيْءٍ مِنْ الْأَلِفَيْنِ. ثَانِيهَا: مِثْلُهُ لَكِنْ بِإِظْهَارِ أَلِفٍ وَاحِدَةٍ بِغَيْرِ هَمْزٍ كَقَوْلِهِمْ: الْتَقَتْ حَلْقَتَا الْبِطَانِ. ثَالِثُهَا: ثُبُوتُ الْأَلِفَيْنِ بِهَمْزَةِ قَطْعٍ. رَابِعُهَا: بِحَذْفِ الْأَلِفِ وَثُبُوتِ هَمْزَةِ الْقَطْعِ قَالَ الْحَافِظُ: وَالْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ الثَّالِثُ ثُمَّ الْأَوَّلُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ: الْعَرَبُ تَقُولُ: لَاهَأَ اللَّهِ ذَا بِالْهَمْزَةِ وَالْقِيَاسُ تَرْكُ الْهَمْزَةِ.
وَحَكَى ابْنُ التِّينِ عَنْ الدَّاوُدِيّ أَنَّهُ رَوَاهُ بِرَفْعِ اللَّهِ قَالَ: وَالْمَعْنَى يَأْبَى اللَّهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: إنْ ثَبَتَتْ الرِّوَايَةُ بِالرَّفْعِ فَتَكُونُ هَا لِلتَّنْبِيهِ وَاَللَّهُ مُبْتَدَأٌ وَ (لَا يَعْمِدُ) خَبَرُهُ وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفُهُ. قَالَ الْحَافِظُ: وَقَدْ نَقَلَ الْأَئِمَّةُ الِاتِّفَاقَ عَلَى الْجَرِّ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى غَيْرِهِ. قَالَ: وَأَمَّا إذًا فَثَبَتَ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ الْمُعْتَمَدَةِ وَالْأُصُولِ الْمُحَقَّقَةِ مِنْ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بِكَسْرِ الْأَلْفِ ثُمَّ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ مُنَوَّنَةٍ. وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ: هَكَذَا يَرْوُونَهُ وَإِنَّمَا هُوَ فِي كَلَامِهِمْ: أَيْ الْعَرَبِ لَاهَا اللَّهِ ذَا، وَالْهَاءُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْوَاوِ، وَالْمَعْنَى لَا وَاَللَّهِ يَكُونُ ذَا. وَنَقَلَ عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ عَنْ إسْمَاعِيلَ الْقَاضِي أَنَّ الْمَازِنِيَّ قَالَ: قَوْلُ الرُّوَاةِ لَاهَا اللَّهِ إذًا خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ لَاهَا اللَّهِ ذَا: أَيْ ذَا يَمِينِي وَقَسَمِي. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: لَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ لَاهَا اللَّهِ إذًا، وَإِنَّمَا هُوَ لَاهَا اللَّهِ ذَا، وَذَا صِلَةٌ فِي الْكَلَامِ وَالْمَعْنَى لَا وَاَللَّهِ، هَذَا مَا أُقْسِمُ بِهِ. وَمِنْهُ أَخَذَ الْجَوْهَرِيُّ؛ فَقَالَ: قَوْلُهُمْ لَاهَا اللَّهِ ذَا مَعْنَاهُ لَا وَاَللَّهِ هَذَا، فَفَرَّقُوا بَيْنَ حَرْفِ التَّنْبِيهِ وَالصِّلَةِ، وَالتَّقْدِيرُ لَا وَاَللَّهِ مَا فَعَلْتُ ذَا، وَتَوَارَدَ كَثِيرٌ مِمَّنْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ، عَلَى أَنَّ الَّذِي وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ بِلَفْظِ إذًا خَطَأٌ، وَإِنَّمَا هُوَ ذَا تَبَعًا لِأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ وَرَدَ فِي شَيْءٍ مِنْ الرِّوَايَاتِ خِلَافُ ذَلِكَ فَلَمْ يُصِبْ، بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ إصْلَاحِ مَنْ قَلَّدَ أَهْلَ الْعَرَبِيَّةِ.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي كِتَابَةِ إذًا هَذِهِ هَلْ تَكْتُبُ بِأَلِفٍ أَوْ بِنُونٍ، وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا اسْمٌ أَوْ حَرْفٌ، فَمَنْ قَالَ: هِيَ اسْمٌ، قَالَ: الْأَصْلُ فِيمَنْ قِيلَ لَهُ سَأَجِيءُ إلَيْكَ، فَأَجَابَ إذًا أُكْرِمَك: أَيْ إذَا جِئْتنِي أُكْرِمُكَ ثُمَّ حُذِفَ جِئْتنِي وَعُوِّضَ عَنْهُ التَّنْوِينُ وَأُضْمِرَتْ أَنْ فَعَلَى هَذَا تُكْتَبُ بِالنُّونِ. وَمَنْ قَالَ: هِيَ حَرْفٌ وَهُمْ الْجُمْهُورُ وَاخْتُلِفَ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هِيَ بَسِيطَةٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: مُرَكَّبَةٌ مِنْ إذَا وَأَنْ، فَعَلَى الْأَوَّلِ تُكْتَبُ بِالْأَلِفِ وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَبِهِ وَقَعَ رَسْمُ الْمَصَاحِفِ، وَعَلَى الثَّانِي تُكْتَب بِنُونٍ. وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهَا، فَقَالَ سِيبَوَيْهِ: مَعْنَاهَا: الْجَوَابُ وَالْجَزَاءُ، وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ فَقَالُوا: هِيَ حَرْفُ جَوَابٍ يَقْتَضِي التَّعْلِيلَ.
وَأَفَادَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: أَنَّهَا قَدْ تَتَمَحَّضُ لِلتَّعْلِيلِ، وَأَكْثَرُ مَا تَجِيءُ جَوَابَ لَوْ وَإِنْ ظَاهِرًا أَوْ مُقَدَّرًا. قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَعَلَى هَذَا لَوْ ثَبَتَتْ الرِّوَايَةُ بِلَفْظِ إذًا لَاخْتَلَّ نَظْمُ الْكَلَامِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ هَكَذَا لَا وَاَللَّهِ إذًا لَا يَعْمِدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute