للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٣٨٧ - (عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ، يَعْنِي يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَالَ: إنَّ عُثْمَانَ انْطَلَقَ

ــ

[نيل الأوطار]

نُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ احْتَجَّ لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ تُفَضَّلَ الْبَهِيمَةُ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَهَذِهِ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ وَشُبْهَةٌ سَاقِطَةٌ وَنَصْبُهَا فِي مُقَابَلَةِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ مِمَّا لَا يَلِيقُ بِعَالِمٍ، وَأَيْضًا السِّهَامُ فِي الْحَقِيقَةِ كُلُّهَا لِلرَّجُلِ لَا لِلْبَهِيمَةِ وَأَيْضًا قَدْ فَضَّلَتْ الْحَنَفِيَّةُ الدَّابَّةَ عَلَى الْإِنْسَانِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ، فَقَالُوا: لَوْ قَتَلَ كَلْبَ صَيْدٍ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَشْرَةِ آلَافٍ أَدَّاهَا، فَإِنْ قَتَلَ عَبْدًا مُسْلِمًا لَمْ يُؤَدِّ فِيهِ إلَّا دُونَ عَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ.

وَقَدْ اُسْتُدِلَّ لِلْجُمْهُورِ فِي مُقَابَلَةِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ بِأَنَّ الْفَرَسَ تَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ لِخِدْمَتِهَا وَعَلَفِهَا وَبِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهَا مِنْ الْعَنَاءِ فِي الْحَرْبِ مَا لَا يَخْفَى. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ بِفَرَسَيْنِ فَصَاعِدًا هَلْ يُسْهَمُ لِكُلِّ فَرَسٍ أَمْ لِفَرَسٍ وَاحِدَةٍ؟ فَرُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى أَنَّهُ يُسْهَمُ لِكُلِّ فَرَسٍ سَهْمَانِ بَالِغًا مَا بَلَغَتْ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ: وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهُ يُسْهَمُ لِأَكْثَرِ مِنْ فَرَسَيْنِ إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى. وَحُكِيَ فِي الْبَحْر عَنْ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَالْهَادَوِيَّةِ أَنَّ مَنْ حَضَرَ بِفَرَسَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ أُسْهِمَ لِوَاحِدٍ فَقَطْ. وَعَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَالصَّادِقِ وَالنَّاصِرِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَحَكَاهُ فِي الْفَتْحِ عَنْ اللَّيْثِ وَأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ أَنَّهُ يُسْهَمُ لِفَرَسَيْنِ لَا أَكْثَرَ.

قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ: فِيهِ أَحَادِيثُ مُنْقَطِعَةٌ، أَحَدُهَا عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُسْهِمُ لِلْخَيْلِ وَلَا يُسْهِمُ لِلرَّجُلِ فَوْقَ فَرَسَيْنِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ عَشَرَةُ أَفْرَاسٍ. رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْهُ وَهُوَ مُعْضَلٌ. وَرَوَاهُ سَعِيدٌ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إلَى أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهُ يُسْهَمُ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلْفَرَسَيْنِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَلِصَاحِبِهِ سَهْمًا فَذَلِكَ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَمَا كَانَ فَوْقَ الْفَرَسَيْنِ فَهُوَ جَنَائِبُ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَقْسِمُ إلَّا لِفَرَسَيْنِ» . وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَبِي عَمْرَةَ قَالَ «أَسْهَمَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَرَسَيَّ أَرْبَعَةً وَلِي سَهْمًا، فَأَخَذْتُ خَمْسَةً» وَقَدْ قَدَّمْنَا اخْتِلَافَ الرِّوَايَةِ فِي حُضُورِ الزُّبَيْرِ يَوْمَ خَيْبَرَ بِفَرَسَيْنِ هَلْ أَعْطَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَهْمَ فَرَسٍ وَاحِدَةٍ أَوْ سَهْمَ فَرَسَيْنِ، وَالْإِسْهَامُ لِلدَّوَابِّ خَاصٌّ بِالْأَفْرَاسِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانَاتِ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: مَسْأَلَةٌ: وَلَا يُسْهَمُ لِغَيْرِ الْخَيْلِ مِنْ الْبَهَائِمِ إجْمَاعًا إذْ لَا إرْهَابَ فِي غَيْرِهَا. وَيُسْهَمُ لِلْبِرْذَوْنِ وَالْمُقْرِفِ وَالْهَجِينِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَا يُسْهَمُ لِلْبِرْذَوْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>