بَابُ قَتْلِ الْجَاسُوسِ إذَا كَانَ مُسْتَأْمَنًا أَوْ ذِمِّيًّا
٣٤٢٩ - (عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: «أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَيْنٌ وَهُوَ فِي سَفَرٍ، فَجَلَسَ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ يَتَحَدَّثُ، ثُمَّ انْسَلَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اُطْلُبُوهُ فَاقْتُلُوهُ فَسَبَقْتُهُمْ إلَيْهِ فَقَتَلْتُهُ، فَنَفَّلَنِي سَلَبَهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد) .
٣٤٣٠ - (وَعَنْ فُرَاتِ بْنِ حَيَّانَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِقَتْلِهِ، وَكَانَ ذِمِّيًّا، وَكَانَ عَيْنًا لِأَبِي سُفْيَانَ وَحَلِيفًا لِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَمَرَّ بِحَلْقَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: إنِّي مُسْلِمٌ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ يَقُولُ إنَّهُ مُسْلِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ مِنْكُمْ رِجَالًا نَكِلُهُمْ إلَى إيمَانِهِمْ، مِنْهُمْ فُرَاتُ بْنُ حَيَّانَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَتَرْجَمَهُ بِحُكْمِ الْجَاسُوسِ الذِّمِّيِّ) .
٣٤٣١ - (وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَا وَالزُّبَيْرَ
ــ
[نيل الأوطار]
طَرِيقٍ أُخْرَى فِيهَا يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ وَهُوَ أَشَدُّ ضَعْفًا مِنْ الْوَاقِدِيِّ، وَمِثْلُ هَذَا لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ. وَظَاهِرُ الْآيَةِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَرَبِيِّ وَالْعَجَمِيِّ. وَقَدْ خَصَّتْ الْهَادَوِيَّةُ عَدَمَ جَوَازِ الِاسْتِرْقَاقِ بِذُكُورِ الْعَرَبِ دُونَ إنَاثِهِمْ. وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ اسْتِرْقَاقِ الذُّكُورِ مِنْ الْعَرَبِ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ الِاسْتِرْقَاقُ لَهُمْ لَوَقَعَ، وَلَمْ يَرِدْ فِي وُقُوعِهِ شَيْءٌ عَلَى كَثْرَةِ أَسْرِ الْعَرَبِ فِي زَمَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّ الْمَكْرُوهَ أَيْضًا لَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ وَلَوْ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخِلَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَبْلِيغِ حُكْمِ اللَّهِ.
قَالَ فِي الْمَنَارِ مُسْتَدِلًّا عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ: وَقَدْ اسْتَفْتَحَتْ الصَّحَابَةُ أَرْضَ الشَّامِ وَهُمْ عَرَبٌ، وَكَذَلِكَ فِي أَطْرَافِ بِلَادِ الْعَرَبِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْعَجَمِ وَلَمْ يُفَتِّشُوا الْعَرَبِيَّ مِنْ الْعَجَمِيِّ، وَالْكِتَابِيَّ مِنْ الْأُمِّيِّ، بَلْ سَوَّوْا بَيْنَهُمْ لَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ خِلَافُ ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي جِنْسِ أُسَارَى الْكُفَّارِ جَوَازُ الْقَتْلِ وَالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ وَالِاسْتِرْقَاقِ، فَمَنْ ادَّعَى أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْأُمُورِ يَخْتَصُّ بِبَعْضِ الْكُفَّارِ دُونَ بَعْضٍ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ إلَّا بِدَلِيلٍ نَاهِضٍ يُخَصِّصُ الْعُمُومَاتِ، وَالْمُجَوِّزُ قَائِمٌ فِي مَقَامِ الْمَنْعِ، وَقَوْلُ عَلِيٍّ وَفِعْلُهُ عِنْدَ بَعْضِ الْمَانِعِينَ مِنْ اسْتِرْقَاقِ ذُكُورِ الْعَرَبِ حُجَّةٌ. وَقَدْ اسْتَرَقَّ بَنِي نَاجِيَةَ ذُكُورَهُمْ وَإِنَاثَهُمْ وَبَاعَهُمْ كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي كُتُبِ السِّيَرِ وَالتَّوَارِيخِ، وَبَنُو نَاجِيَةَ مِنْ قُرَيْشٍ فَكَيْفَ سَاغَتْ لَهُمْ مُخَالَفَتُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute