٣٠٢ - (وَعَنْ «مَيْمُونَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْخُلُ عَلَى إحْدَانَا وَهِيَ حَائِضٌ فَيَضَعُ رَأْسَهُ فِي حِجْرِهَا فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهِيَ حَائِضٌ ثُمَّ تَقُومُ إحْدَانَا بِخُمْرَتِهِ فَتَضَعُهَا فِي الْمَسْجِدِ وَهِيَ حَائِضٌ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ) .
٣٠٣ - (وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «كَانَ أَحَدُنَا يَمُرُّ فِي الْمَسْجِدِ جُنُبًا مُجْتَازًا» رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ) .
٣٠٤ - (وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْشُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمْ جُنُبٌ» . رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ)
ــ
[نيل الأوطار]
بِقَوْلِهَا: " قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمَسْجِدِ نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ " عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ. وَعَلَيْهِ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ لَا مُقِيمَةً وَلَا عَابِرَةً لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ " وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ.
قَالُوا: وَلِأَنَّ حَدَثَهَا أَغْلَظُ مِنْ حَدَثِ الْجَنَابَةِ، وَالْجُنُبُ لَا يَمْكُثُ فِيهِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي عُبُورِهِ. وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ مَنْعُهُ، فَالْحَائِضُ أَوْلَى بِالْمَنْعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ هُنَا مَسْجِدَ بَيْتِهِ الَّذِي كَانَ يَتَنَفَّلُ فِيهِ فَيَسْقُطُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى جَوَازِ دُخُولِ الْحَائِضِ الْمَسْجِدَ وَأَنَّهَا لَا تُمْنَعُ إلَّا لِمَخَافَةِ مَا يَكُونُ مِنْهَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيِّ عَنْ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ، وَمَنَعَ مِنْ دُخُولِهَا سُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ.
٣٠٢ - (وَعَنْ «مَيْمُونَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْخُلُ عَلَى إحْدَانَا وَهِيَ حَائِضٌ فَيَضَعُ رَأْسَهُ فِي حِجْرِهَا فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهِيَ حَائِضٌ ثُمَّ تَقُومُ إحْدَانَا بِخُمْرَتِهِ فَتَضَعُهَا فِي الْمَسْجِدِ وَهِيَ حَائِضٌ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ) . الْحَدِيثُ إسْنَادُهُ فِي سُنَنِ النَّسَائِيّ هَكَذَا، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْبُوذٍ عَنْ أُمِّهِ أَنَّ مَيْمُونَةَ فَذَكَرَهُ. وَمُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ ثِقَةٌ، وَمَنْبُوذٌ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ بِنَحْوِ هَذَا اللَّفْظِ عَنْهَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ. وَلِلْحَدِيثِ شَوَاهِدُ.
أَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي حِجْرِ الْحَائِضِ فَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَلَيْسَ فِيهَا خِلَافٌ. وَأَمَّا وَضْعُ الْخُمْرَةِ فَهُوَ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ بِجَوَازِ دُخُولِ الْحَائِضِ الْمَسْجِدَ لِلْحَاجَةِ، وَمُؤَيِّدٌ لِتَعْلِيقِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: (نَاوِلِينِي) ؛ لِأَنَّ دُخُولَهَا الْمَسْجِدَ لِوَضْعِ الْخُمْرَةِ فِيهِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دُخُولِهَا إلَيْهِ لَإِخْرَاجِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ. وَأَخْرَجَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ جَوَارِيَهُ كُنَّ يَغْسِلْنَ رِجْلَيْهِ وَيُعْطِينَهُ الْخُمْرَةَ وَهُنَّ حُيَّضٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute