. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ يُدْعَى نَاجِيَةَ يَأْتِيه بِخَبَرِ قُرَيْشٍ " كَذَا سَمَّاهُ نَاجِيَةَ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ نَاجِيَةَ اسْمٌ لِلَّذِي بَعَثَ مَعَهُ الْهَدْيَ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ. وَأَمَّا الَّذِي بَعَثَهُ عَيْنًا لِخَبَرِ قُرَيْشٍ فَاسْمُهُ بُسْرُ بْنُ سُفْيَانَ، وَكَذَا سَمَّاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى الصَّحِيحِ قَوْلُهُ (بِالْغَمِيمِ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ. وَحَكَى عِيَاضٌ فِيهَا التَّصْغِيرَ. قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادُ كُرَاعُ الْغَمِيمِ الَّذِي وَقَعَ ذِكْرُهُ فِي الصِّيَامِ، وَهُوَ الَّذِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ انْتَهَى.
وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ فَهُوَ غَيْرُ كُرَاعِ الْغَمِيمِ الَّذِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. وَأَمَّا الْغَمِيمُ هَذَا فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: هُوَ مَكَانٌ بَيْنَ رَابِغٍ وَالْجُحْفَةِ وَقَدْ بَيَّنَ ابْنُ سَعْدٍ أَنَّ خَالِدًا كَانَ بِهَذَا الْمَوْضِعِ فِي مِائَتَيْ فَارِسٍ فِيهِمْ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ. وَالطَّلِيعَةُ: مُقَدِّمَةُ الْجَيْشِ، قَوْلُهُ: (بِقَتَرَةَ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ: وَهُوَ الْغُبَارُ الْأَسْوَدُ، وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ: " بِغَبْرَةَ " بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى إذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ يُخْرِجُنَا عَلَى طَرِيقٍ غَيْرِ طَرِيقِهِمْ الَّتِي هُمْ بِهَا؟ قَالَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ قَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَسَلَكَ بِهِمْ طَرِيقًا وَعْرًا، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْهُ بَعْدَ أَنْ شَقَّ عَلَيْهِمْ وَأَفْضَوْا إلَى أَرْضٍ سَهْلَةٍ، قَالَ لَهُمْ: اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ، فَفَعَلُوا، فَقَالَ: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّهَا لَلْخِطَّةُ الَّتِي عُرِضَتْ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ فَامْتَنَعُوا» ، وَهَذِهِ الثَّنِيَّةُ هِيَ ثَنِيَّةُ الْمِرَارِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ: وَهِيَ طَرِيقٌ فِي الْجَبَلِ تُشْرِفُ عَلَى الْحُدَيْبِيَةِ. وَزَعَمَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّهَا الثَّنِيَّةُ الَّتِي أَسْفَلَ مَكَّةَ وَهُوَ وَهْمٌ. وَسَمَّى ابْنُ سَعْدٍ الَّذِي سَلَكَ بِهِمْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ.
قَوْلُهُ: (بَرَكَتْ بِهِ نَاقَتُهُ) فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " رَاحِلَتُهُ " وَحَلْ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ: كَلِمَةٌ تُقَالُ لِلنَّاقَةِ إذَا تَرَكَتْ السَّيْرَ. وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ: إنْ قُلْت حَلْ وَاحِدَةً فَبِالسُّكُونِ، وَإِنْ أَعَدْتَهَا نَوَّنْتَ فِي الْأُولَى وَسَكَّنْتَ فِي الثَّانِيَةِ، وَحَكَى غَيْرُهُ السُّكُونَ فِيهِمَا وَالتَّنْوِينَ كَنَظِيرِهِ فِي بَخٍ بَخٍ، يُقَالُ حَلْحَلْتُ فُلَانًا: إذَا أَزْعَجْتُهُ عَنْ مَوْضِعِهِ قَوْلُهُ: (فَأَلَحَّتْ) بِتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ تَمَادَتْ عَلَى عَدَمِ الْقِيَامِ وَهُوَ مِنْ الْإِلْحَاحِ قَوْلُهُ: (خَلَأَتْ) الْخَلَاءُ بِالْمُعْجَمَةِ وَبِالْمَدِّ لِلْإِبِلِ كَالْحِرَانِ لِلْخَيْلِ، وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: لَا يَكُونُ الْخَلَاءُ إلَّا لِلنُّوقِ خَاصَّةً، وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ: لَا يُقَالُ لِلْجَمَلِ خَلَأَ وَلَكِنْ أَلَحَّ.
وَالْقَصْوَاءُ بِفَتْحِ الْقَافِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ وَمَدٌّ: اسْمُ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيلَ كَانَ طَرَفُ أُذُنِهَا مَقْطُوعًا، وَالْقَصْوُ: الْقَطْعُ مِنْ طَرَفِ الْأُذُنِ، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ تَكُونَ بِالْقَصْرِ، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ نُسَخِ أَبِي ذَرٍّ. وَزَعَمَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّهَا كَانَتْ لَا تُسْبَقُ فَقِيلَ لَهَا الْقَصْوَاءُ لِأَنَّهَا بَلَغَتْ مِنْ السَّبْقِ أَقْصَاهُ قَوْلُهُ: (وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ) أَيْ بِعَادَةٍ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ وَغَيْرُهُ: فِي هَذَا الْفَصْلِ جَوَازُ الِاسْتِتَارِ عَنْ طَلَائِعِ الْمُشْرِكِينَ وَمُفَاجَأَتِهِمْ بِالْجَيْشِ طَلَبًا لِغِرَّتِهِمْ وَجَوَازُ التَّنَكُّبِ عَنْ الطَّرِيقِ السَّهْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute