. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
أَوَّلِ ضَرْبَةٍ كُتِبَ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةِ) فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى " سَبْعُونَ " قَالَ النَّوَوِيُّ: مَفْهُومُ الْعَدَدِ لَا يُعْمَلُ بِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْأُصُولِيِّينَ فَذِكْرُ سَبْعِينَ لَا يَمْنَعُ الْمِائَةَ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَهُمَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ بِالسَّبْعِينَ ثُمَّ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِالزِّيَادَةِ إلَى الْمِائَةِ فَأُعْلِمَ بِهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِين أُوحِيَ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ قَاتِلِ الْوَزَغِ بِحَسْبِ نِيَّاتِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ وَكَمَالِ أَحْوَالِهِمْ لِتَكُونَ الْمِائَةُ لِلْكَامِلِ مِنْهُمْ وَالسَّبْعُونَ لِغَيْرِهِ. وَأَمَّا سَبَبُ تَكْثِيرِ الثَّوَابِ فِي قَتْلِهِ بِأَوَّلِ ضَرْبَةٍ ثُمَّ مَا يَلِيهَا فَالْمَقْصُودُ بِهِ الْحَثُّ عَلَى الْمُبَادَرَةِ بِقَتْلِهِ وَالِاعْتِنَاءِ بِهِ وَتَحْرِيضِ قَاتِلِهِ عَلَى أَنْ يَقْتُلَهُ بِأَوَّلِ ضَرْبَةٍ فَإِنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَضْرِبَهُ ضَرَبَاتٍ رُبَّمَا انْفَلَتَ وَفَاتَ قَتْلُهُ.
قَوْلُهُ: (وَالصُّرَدِ) هُوَ طَائِرٌ فَوْقَ الْعُصْفُورِ، وَأَجَازَ مَالِكٌ أَكْلَهَ، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَتْلِهِ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَشَاءَمُ بِهِ فَنَهَى عَنْ قَتْلِهِ لِيَزُولَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ اعْتِقَادِ التَّشَاؤُمِ.
وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيِّ مِثْلُ مَالِكِ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ فِيهِ الْجَزَاءَ عَلَى الْمُحْرِمِ إذَا قَتَلَهُ. وَأَمَّا النَّمْلُ فَلَعَلَّهُ إجْمَاعٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ قَتْلِهِ. قَالَ الْخَطَّابِيِّ: إنَّ النَّهْيَ الْوَارِدَ فِي قَتْلِ النَّمْلِ الْمُرَادِ بِهِ السُّلَيْمَانِيُّ: أَيْ لِانْتِفَاءِ الْأَذَى مِنْهُ دُونَ الصَّغِيرِ، وَكَذَا فِي شَرْحِ السُّنَّةِ. وَأَمَّا النَّحْلَةُ فَقَدْ رُوِيَ إبَاحَةُ أَكْلُهَا عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ. وَأَمَّا الْهُدْهُدُ فَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا حِلُّ أَكْلِهِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ إنَّهُ يَلْزَمُ فِي قَتْلِهِ الْفِدْيَةُ.
قَوْلُهُ: (فَنَهَى عَنْ قَتْلِ الضُّفْدَعِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ أَكْلِهَا بَعْدَ تَسْلِيمٍ، أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْقَتْلِ يَسْتَلْزِمُ تَحْرِيمَ الْأَكْلِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الضِّفْدَعُ كَزِبْرَجٍ وَجُنْدَبٍ وَدِرْهَمٍ وَهَذَا أَقَلُّ أَوْ مَرْدُودٌ: دَابَّةٌ نَهْرِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (يَنْهَى عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ) هُوَ بِجِيمٍ مَكْسُورَةٍ وَنُونٍ مُشَدَّدَةٍ: وَهِيَ الْحَيَّاتُ جَمْعُ جَانٍّ وَهِيَ الْحَيَّةُ الصَّغِيرَةُ، وَقِيلَ: الدَّقِيقَةُ الْخَفِيفَةُ، وَقِيلَ: الدَّقِيقَةُ الْبَيْضَاءُ قَوْلُهُ: (إلَّا الْأَبْتَرَ) هُوَ قَصِيرُ الذَّنَبِ. وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ هُوَ صِنْفٌ مِنْ الْحَيَّاتِ أَزْرَقُ مَقْطُوعُ الذَّنَبِ لَا تَنْظُرُ إلَيْهِ حَامِلٌ إلَّا أَلْقَتْ مَا فِي بَطْنهَا. وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: " يَتْبَعَانِ مَا فِي بُطُونِ النِّسَاءِ " أَيْ يُسْقِطَانِ قَوْلُهُ: (وَذَا الطُّفْيَتَيْنِ) هُوَ بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ: وَهُمَا الْخَطَّانِ الْأَبْيَضَانِ عَلَى ظَهْرِ الْحَيَّةِ، وَأَصْلُ الطُّفْيَةِ: خُوصَةُ الْمُقْلِ وَجَمْعُهَا طُفَى، شَبَّهَ الْخَطَّيْنِ عَلَى ظَهْرِهَا بِخُوصَتَيْ الْمُقْلِ.
قَوْلُهُ: (يَخْطَفَانِ الْبَصَرَ) أَيْ يَطْمِسَانِهِ بِمُجَرَّدِ نَظَرِهِمَا إلَيْهِ لِخَاصِّيَّةٍ جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي بَصَرِهِمَا إذَا وَقَعَ عَلَى بَصَرِ الْإِنْسَانِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَفِي الْحَيَّاتِ نَوْعٌ يُسَمَّى النَّاظِرُ إذَا وَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى عَيْنِ إنْسَانِ مَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ. قَوْلُهُ: (فَحَرِّجُوا عَلَيْهِنَّ ثَلَاثًا) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ رَاءٍ مُشَدَّدَةٍ ثُمَّ جِيمٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْإِنْذَارُ. قَالَ الْمَازِرِيُّ وَالْقَاضِي: لَا تَقْتُلُوا حَيَّاتِ مَدِينَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا بِإِنْذَارٍ كَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ، فَإِذَا أَنْذَرَهَا وَلَمْ تَنْصَرِفْ قَتَلَهَا. وَأَمَّا حَيَّاتُ غَيْرِ الْمَدِينَةِ فِي جَمِيعِ الْأَرْضِ وَالْبُيُوتِ فَيُنْدَبُ قَتْلُهَا مِنْ غَيْرِ إنْذَارٍ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute