للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

وَقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَمُعَاوِيَةَ وَوَائِلِ بْنِ حُجْرٍ وَقُرَّةَ الْمُزَنِيّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَبُرَيْدَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحْوُهُ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمُعَاوِيَةَ اللَّذَانِ أَشَارَ إلَيْهِمَا الْمُصَنِّفُ هُمَا فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ كَمَا قَالَ. أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَلَمْ يَكُنْ فِي إسْنَادِهِ إلَّا أَيُّوبُ بْنُ هَانِئٍ وَهُوَ صَدُوقٌ وَرُبَّمَا يُخْطِئُ، وَهُوَ بِلَفْظِ " كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ". وَأَمَّا حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ فَفِي إسْنَادِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزِّبْرِقَانِ وَهُوَ لَيِّنُ الْحَدِيثِ، وَلَفْظُهُ " كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ " قَوْلُهُ: (النَّخْلَةُ وَالْعِنَبَةُ) لَفْظُ أَبِي دَاوُد، يَعْنِي النَّخْلَةَ وَالْعِنَبَةَ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَفْسِيرَ الشَّجَرَتَيْنِ لَيْسَ مِنْ الْحَدِيثِ فَيُحْمَلُ رِوَايَةُ مَنْ عَدَا أَبَا دَاوُد عَلَى الْإِدْرَاجِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا نَفْيُ الْخَمْرِيَّةِ عَنْ نَبِيذِ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَقَدْ ثَبَتَ فِيهِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ قَدْ ذَكَرَ بَعْضَهَا الْمُصَنِّفُ كَمَا تَرَى، وَإِنَّمَا خَصَّ بِالذِّكْرِ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْخَمْرِ مِنْهُمَا، وَأَعْلَى الْخَمْرِ وَأَنْفَسُهُ عِنْدَ أَهْلِهِ مِنْهُمَا، وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِهِمْ: الْمَالُ الْإِبِلُ: أَيْ أَكْثَرُهُ وَأَعَمُّهُ، وَالْحَجُّ عَرَفَاتُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَغَايَةُ مَا هُنَاكَ أَنَّ مَفْهُومَ الْخَمْرِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِاللَّامِ مُعَارَضٌ بِالْمَنْطُوقَاتِ وَهِيَ أَرْجَحُ بِلَا خِلَافٍ قَوْلُهُ: (وَعَامَّةُ خَمْرِنَا الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ) أَيْ الشَّرَابُ الَّذِي يُصْنَعُ مِنْهُمَا.

وَأَخْرَجَ النَّسَائِيّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ هُوَ الْخَمْرُ» وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَظَاهِرُهُ الْحَصْرُ. قَالَ الْحَافِظُ: لَكِنْ الْمُرَادُ الْمُبَالَغَةُ وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا كَانَ حِينَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ مَوْجُودًا. وَقِيلَ إنَّ مُرَادَ أَنَسٍ الرَّدُّ عَلَى مَنْ خَصَّ اسْمَ الْخَمْرِ بِمَا يُتَّخَذُ مِنْ الْعِنَبِ. وَقِيلَ: مُرَادُهُ أَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَخْتَصُّ بِالْخَمْرِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْعِنَبِ، بَلْ يُشْرِكُهَا فِي التَّحْرِيمِ كُلُّ شَرَابٍ مُسْكِرٍ، قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا أَظْهَرُ. قَالَ: وَالْمُجْمَعُ عَلَى تَحْرِيمِهِ عَصِيرُ الْعِنَبِ إذَا اشْتَدَّ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ تَنَاوُلُهُ بِالِاتِّفَاقِ. وَحَكَى ابْنُ قُتَيْبَةَ عَنْ قَوْمٍ مِنْ مُجَانِ أَهْلِ الْكَلَامِ أَنَّ النَّهْيَ عَنْهَا لِلْكَرَاهَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ مَجْهُولٌ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَائِلِهِ.

وَحَكَى أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ عَنْ قَوْمٍ أَنَّ الْحَرَامَ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ وَمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ. قَالَ: وَهَذَا عَظِيمٌ مِنْ الْقَوْلِ يَلْزَمُ مِنْهُ الْقَوْلُ بِحِلِّ كُلِّ شَيْءٍ اُخْتُلِفَ فِي تَحْرِيمِهِ وَلَوْ كَانَ الْخِلَافُ وَاهِيًا. وَنَقَلَ الطَّحَاوِيَّ وَفِي اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْخَمْرَ حَرَامٌ قَلِيلَهَا وَكَثِيرَهَا، وَالسُّكْرُ مِنْ غَيْرِهَا حَرَامٌ وَلَيْسَ كَتَحْرِيمِ الْخَمْرِ، وَالنَّبِيذُ الْمَطْبُوخُ لَا بَأْسَ بِهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَا بَأْسَ بِالنَّقِيعِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَإِنْ غَلَا إلَّا الزَّبِيبَ وَالتَّمْرَ، قَالَ: كَذَا حَكَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَأَحَبَّ إلَيَّ أَنْ لَا أَشْرَبَهُ وَلَا أُحَرِّمَهُ.

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: أَكْرَهُ نَقِيعَ التَّمْرِ وَنَقِيعَ الزَّبِيبِ إذَا غَلَا. قَالَ: وَنَقِيعُ الْعَسَلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>