للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٧٦٢ - (عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَتَدَاوَى؟ قَالَ: نَعَمْ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَفِي لَفْظٍ: «قَالَتْ الْأَعْرَابُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَتَدَاوَى؟ قَالَ: نَعَمْ، عِبَادَ اللَّهِ تَدَاوَوْا، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إلَّا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً، أَوْ دَوَاءً إلَّا دَاءً وَاحِدَا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُوَ؟ قَالَ: الْهَرَمُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) .

٣٧٦٣ - (وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ، فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرِئَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ) .

ــ

[نيل الأوطار]

الْوَضْعَ بِالْعُنْفِ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ تَقْدِيمَ الَّذِي عَلَى الْيَمِينِ لَيْسَ لِمَعْنًى فِيهِ بَلْ لِمَعْنًى مِنْ جِهَةِ الْيَمِينِ وَهُوَ فَضْلُهَا عَلَى جِهَةِ الْيَسَارِ.

فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ تَرْجِيحًا لِمَنْ هُوَ عَلَى الْيَمِينِ بَلْ هُوَ تَرْجِيحٌ لِجِهَةِ الْيَمِينِ، وَقَدْ يُعَارِضُ حَدِيثُ أَنَسٍ وَسَهْلٍ الْمَذْكُورَيْنِ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْقَسَامَةِ بِلَفْظِ " كَبَّرَ كَبَّرَ " وَكَذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى بِسَنَدٍ قَوِيٍّ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا سَقَى قَالَ: ابْدَءُوا بِالْأَكْبَرِ» وَيُجْمَعُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي يَجْلِسُونَ فِيهَا مُتَسَاوِينَ أَمَّا بَيْنَ يَدَيْ الْكَبِيرِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ كُلِّهِمْ أَوْ خَلْفِهِ. قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا إذَا تَعَارَضَتْ فَضِيلَةُ الْفَاضِلِ وَفَضِيلَةُ الْوَظِيفَةِ اُعْتُبِرَتْ فَضِيلَةُ الْوَظِيفَةِ.

قَوْلُهُ: (سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُشْرَعُ لِمَنْ تَوَلَّى سِقَايَةَ قَوْمٍ أَنْ يَتَأَخَّرَ فِي الشُّرْبِ حَتَّى يَفْرُغُوا عَنْ آخِرهِمْ.

وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ إصْلَاحِهِمْ عَلَى مَا يَخُصُّ نَفْسَهُ، وَأَنْ يَكُونَ غَرَضُهُ إصْلَاحَ حَالِهِمْ وَجَرَّ الْمَنْفَعَةِ إلَيْهِمْ وَدَفْعَ الْمَضَارِّ عَنْهُمْ، وَالنَّظَرَ لَهُمْ فِي دِقِّ أُمُورِهِمْ وَجُلِّهَا، وَتَقْدِيمَ مَصْلَحَتِهِمْ عَلَى مَصْلَحَتِهِ. وَكَذَا مَنْ يُفَرِّقُ عَلَى الْقَوْمِ فَاكِهَةً، فَيَبْدَأُ بِسَقْيِ كَبِيرِ الْقَوْمِ أَوْ بِمَنْ عَنْ يَمِينِهِ إلَى آخِرِهِمْ وَمَا بَقِيَ شَرِبَهُ، وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ " ابْدَأْ بِنَفْسِكَ " لِأَنَّ ذَاكَ عَامٌّ وَهَذَا خَاصٌّ فَيُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>