. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
عَائِشَةُ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: هُوَ كَلَامُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ كَلًّا وَاَللَّهِ، وَبَلَى وَاَللَّهِ» وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ، وَصَحَّحَ الدَّارَقُطْنِيّ الْوَقْفَ. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مَوْقُوفًا. وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ أَيْضًا مَوْقُوفًا. قَالَ أَبُو دَاوُد: وَرَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ مَوْقُوفًا وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مَرْفُوعًا فِي قِصَّةِ الرُّمَاةِ، وَكَانَ أَحَدُهُمْ إذَا رَمَى حَلَفَ أَنَّهُ أَصَابَ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ أَخْطَأَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَيْمَانُ الرُّمَاةِ لَغْوٌ لَا كَفَّارَةَ لَهَا وَلَا عُقُوبَةَ» . قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا لَا يَثْبُتُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعْتَمِدُونَ مَرَاسِيلَ الْحَسَنِ لِأَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ، وَقَدْ تَمَسَّكَ بِتَفْسِيرِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ: إنَّهَا قَدْ جَزَمَتْ بِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ: لَا وَاَللَّهِ، وَبَلَى وَاَللَّهِ، وَهِيَ قَدْ شَهِدَتْ التَّنْزِيلَ
وَذَهَبَتْ الْحَنَفِيَّةُ وَالْهَادَوِيَّةُ إلَى أَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الشَّيْءِ يَظُنُّهُ ثُمَّ يَظْهَرُ خِلَافُهُ، وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ وَمَالِكٌ وَمَكْحُولٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الصَّحَابَةِ
وَعَنْ الْقَاسِمِ وَعَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ وَطَاوُوسٍ وَالْحَسَنِ نَحْوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ: لَا وَاَللَّهِ، وَبَلَى وَاَللَّهِ لُغَةٌ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ لَا يُرَادُ بِهَا الْيَمِينُ وَهِيَ مِنْ صِلَةِ الْكَلَامِ وَنَقَلَ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي عَنْ طَاوُسٍ أَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ أَنْ يَحْلِفَ وَهُوَ غَضْبَانُ، وَنَقَلَ أَقْوَالًا أُخَرَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ. وَجُمْلَةُ مَا يَتَحَصَّلُ مِنْ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ مِنْ جُمْلَتِهَا قَوْلُ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ: إنَّ اللَّغْوَ هُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الشَّيْءِ لَا يَفْعَلُهُ ثُمَّ يَنْسَى فَيَفْعَلُهُ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ
عَنْ الْحَسَنِ مِثْلَهُ. وَعَنْهُ هُوَ كَقَوْلِ الرَّجُلِ: وَاَللَّهِ إنَّهُ لَكَذَا وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ صَادِقٌ وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنْ يَحْلِفَ وَهُوَ غَضْبَانُ. وَعَنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنْ يُحَرِّمَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ. وَقِيلَ هُوَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى نَفْسِهِ إنْ فَعَلَ كَذَا ثُمَّ يَفْعَلُهُ وَهَذَا هُوَ يَمِينُ الْمَعْصِيَةِ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الْقَوْلُ بِأَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ هُوَ الْمَعْصِيَةُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ عَلَى تَرْكِ الْمَعْصِيَةِ يَنْعَقِدُ يَمِينُهُ، وَيُقَالُ لَهُ لَا تَفْعَلْ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكِ، فَإِنْ خَالَفَ وَأَقْدَمَ عَلَى الْفِعْلِ أَثِمَ وَبَرَّ فِي يَمِينِهِ. قَالَ: وَمَنْ قَالَ: إنَّهَا يَمِينُ الْغَضَبِ يَرُدُّهُ مَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ، يَعْنِي الْمَذْكُورَةَ فِي الْبَابِ، وَمَنْ قَالَ دُعَاءُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ إنْ فَعَلَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ فَاللَّغْوُ إنَّمَا هُوَ فِي طَرِيقِ الْكَفَّارَةِ وَهِيَ تَنْعَقِدُ
وَقَدْ يُؤَاخَذُ بِهَا لِثُبُوتِ النَّهْيِ عَنْ دُعَاءِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ قَالَ: إنَّهَا الْيَمِينُ الَّتِي تُكَفَّرُ فَلَا مُتَعَلَّقَ لَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَفَعَ الْمُؤَاخَذَةَ عَنْ اللَّغْوِ مُطْلَقًا فَلَا إثْمَ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ فَكَيْفَ يُفَسَّرُ اللَّغْوُ بِمَا فِيهِ الْكَفَّارَةُ وَثُبُوتُ الْكَفَّارَةِ يَقْتَضِي وُجُودَ الْمُؤَاخَذَةِ وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute