للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

يَعْنِي إسْمَاعِيلَ وَعَبْدَ اللَّهِ، فَكَذَلِكَ الْقَاضِي عِنْدَنَا لَمَّا اسْتَسْلَمَ لَحُكْمِ اللَّهِ وَاصْطَبَرَ عَلَى مُخَالَفَةِ الْأَبَاعِدِ وَالْأَقَارِبِ فِي خُصُومَاتِهِمْ لَمْ تَأْخُذْهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ حَتَّى قَادَهُ إلَى مُرِّ الْحَقِّ جَعَلَهُ ذَبِيحًا لِلْحَقِّ وَبَلَغَ بِهِ حَالَ الشُّهَدَاءِ الَّذِينَ لَهُمْ الْجَنَّةُ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَدْ وَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيًّا وَمُعَاذًا وَمَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ فَنِعْمَ الذَّابِحُ وَنِعْمَ الْمَذْبُوحُ.

وَفِي كِتَابِ اللَّهِ الدَّلِيلُ عَلَى التَّرْغِيبِ فِيهِ بِقَوْلِهِ: {يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا} [المائدة: ٤٤] إلَى آخِرَ الْآيَاتِ انْتَهَى

وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي ذَكَرَهُ لَا أَدْرِي مَنْ أَخْرَجَهُ فَيَبْحَثُ عَنْهُ. وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَحَدِيثُ الْبَابِ وَارِدٌ فِي تَرْهِيبِ الْقُضَاةِ لَا فِي تَرْغِيبِهِمْ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي فَهِمَهُ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ، وَمَنْ جَعَلَهُ مِنْ التَّرْغِيبِ فَقَدْ أَبْعَدَ.

وَقَدْ اسْتَرْوَحَ كَثِيرٌ مِنْ الْقُضَاةِ إلَى مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ، وَأَنَا وَإِنْ كُنْتُ حَالَ تَحْرِيرِ هَذِهِ الْأَحْرُفِ مِنْهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْإِنْصَافَ، وَقَدْ وَرَدَ فِي التَّرْغِيبِ فِي الْقَضَاءِ مَا يُغْنِي عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ التَّكَلُّفِ فَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ «إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ، وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ» .

وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ «إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ، وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ عَشَرَةُ أُجُورٍ» وَفِي إسْنَادِهِ فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَتَابَعَهُ ابْنُ لَهِيعَةَ بِغَيْرِ لَفْظِهِ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِلَفْظِ «إنْ أَصَبْتَ الْقَضَاءَ فَلَكَ عَشَرَةُ أُجُورٍ، وَإِنْ اجْتَهَدْتَ فَأَخْطَأْتَ فَلَكَ حَسَنَةٌ» وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «السَّابِقُونَ إلَى ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الَّذِينَ إذَا أُعْطُوا الْحَقَّ قَبِلُوهُ، وَإِذَا سُئِلُوا بَذَلُوهُ، وَإِذَا حَكَمُوا بَيْنَ النَّاسِ حَكَمُوا كَحُكْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ» وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْهَا، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدٍ.

قَالَ الْحَافِظُ: وَتَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ الْقَاسِمِ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ وَرَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ الْقَاصِّ فِي كِتَابِ آدَابِ الْقَضَاءِ لَهُ. وَمِنْ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي التَّرْغِيبِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ.

مِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «إذَا جَلَسَ الْحَاكِمُ فِي مَكَانِهِ هَبَطَ عَلَيْهِ مَلَكَانِ يُسَدِّدَانِهِ وَيُوَفِّقَانِهِ وَيُرْشِدَانِهِ مَا لَمْ يَجُرْ، فَإِذَا جَارَ عَرِجَا وَتَرَكَاهُ» أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ زَيْدٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْهُ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ قَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ.

وَفِي الْبَزَّارِ مِنْ رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ خُثَيْمِ بْنِ عِرَاكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ وَلِيَ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكًا عَنْ يَمِينِهِ وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَمَلَكًا عَنْ شِمَالِهِ يُوَفِّقَانِهِ وَيُسَدِّدَانِهِ إذَا أُرِيدَ بِهِ خَيْرٌ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا فَأُرِيدَ بِهِ غَيْرُ ذَلِكَ وُكِلَ إلَى نَفْسِهِ» قَالَ: وَلَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى بِهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>