للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْمَنْعِ مِنْ وِلَايَةِ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَمَنْ لَا يُحْسِنُ الْقَضَاءَ أَوْ يَضْعُفُ عَنْ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ

ــ

[نيل الأوطار]

اللَّفْظِ إلَّا مِنْ حَدِيثِ عِرَاكٍ، وَإِبْرَاهِيمُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ

وَمِنْ أَحَادِيثِ التَّرْغِيبِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ. وَلَكِنَّ هَذِهِ التَّرْغِيبَاتِ إنَّمَا هِيَ فِي حَقِّ الْقَاضِي الْعَادِلِ الَّذِي لَمْ يَسْأَل الْقَضَاءَ وَلَا اسْتَعَانَ عَلَيْهِ بِالشُّفَعَاءِ، وَكَانَ لَدَيْهِ مِنْ الْعِلْمِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ مَا يَعْرِفُ بِهِ الْحَقَّ مِنْ الْبَاطِلِ بَعْدَ إحْرَازِ مِقْدَارٍ مِنْ آلَاتِهِمَا يَقْدِرُ بِهِ عَلَى الِاجْتِهَادِ فِي إيرَادِهِ وَإِصْدَارِهِ. وَأَمَّا مَنْ كَانَ بِعَكْسِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ أَوْ بَعْضِهَا فَقَدْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِي مَضِيقٍ وَبَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَاهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ عَاقِلٍ يَعْلَمُ أَنَّ مَنْ تَسَلَّقَ لِلْقَضَاءِ وَهُوَ جَاهِلٌ بِالشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ جَهْلًا بَسِيطًا أَوْ جَهْلًا مُرَكَّبًا، أَوْ مَنْ كَانَ قَاصِرًا عَنْ رُتْبَةِ الِاجْتِهَادِ فَلَا حَامِلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا حُبُّ الْمَالِ وَالشَّرَفِ أَوْ أَحَدِهِمَا، إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْحَامِلُ مِنْ قَبِيلِ الدِّينِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُوجِبْ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْحُكْمِ بِمَا أَنْزَلَ مِنْ الْحَقِّ أَنْ يَتَحَمَّلَ هَذَا الْعِبْءَ الثَّقِيلَ قَبْلَ تَحْصِيلِ شَرْطِهِ الَّذِي يَحْرُمُ قَبُولُهُ قَبْلَ حُصُولِهِ

فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْحَامِلَ لَلْمُقَصِّرِينَ عَلَى التَّهَافُتِ عَلَى الْقَضَاءِ وَالتَّوَثُّبِ عَلَى أَحْكَامِ اللَّهِ بِدُونِ مَا شَرَطَهُ لَيْسَ إلَّا الدُّنْيَا لَا الدِّينَ، فَإِيَّاكَ وَالِاغْتِرَارَ بِأَقْوَالِ قَوْمٍ يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ، فَإِذَا لَبِسُوا لَكَ أَثْوَابَ الرِّيَاءِ وَالتَّصَنُّعِ، وَأَظْهَرُوا شِعَارَ التَّغْرِيرِ وَالتَّدْلِيسِ وَالتَّلْبِيسِ وَقَالُوا: مَا لَهُمْ بِغَيْرِ الْحَقِّ حَاجَةٌ، وَلَا أَرَادُوا إلَّا تَحْصِيلَ الثَّوَابِ الْأُخْرَوِيّ فَقُلْ لَهُمْ: دَعُوا الْكَذِبَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ يَا قُضَاةَ النَّارِ بِنَصِّ الْمُخْتَارِ، فَلَوْ كُنْتُمْ تَخْشَوْنَ اللَّهَ وَتَتَّقُونَهُ حَقَّ تُقَاتِهِ لَمَا أَقْدَمْتُمْ عَلَى الْمُخَاطَرَةِ بَادِئَ بَدْءٍ بِدُونِ إيجَابٍ مِنْ اللَّهِ وَلَا إكْرَاهٍ مِنْ سُلْطَانٍ وَلَا حَاجَةَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ

وَقَدْ كَثُرَ التَّتَابُعُ مِنْ الْجَهَلَةِ فِي هَذَا الْمَنْصِبِ الشَّرِيفِ وَاشْتَرَوْهُ بِالْأَمْوَالِ مِمَّنْ هُوَ أَجْهَلُ مِنْهُمْ حَتَّى عَمَّتْ الْبَلْوَى جَمِيعَ الْأَقْطَارِ الْيَمَنِيَّةِ قَوْلُهُ: (فَهَوَى أَرْبَعِينَ خَرِيفًا) قَالَ فِي النِّهَايَةِ: هُوَ الزَّمَانُ الْمَعْرُوفُ مِنْ فُصُولِ السَّنَةِ مَا بَيْنَ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ وَيُرِيدُ بِهِ أَرْبَعِينَ سَنَةً؛ لِأَنَّ الْخَرِيفَ لَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً، فَإِذَا انْقَضَى أَرْبَعُونَ خَرِيفًا انْقَضَتْ أَرْبَعُونَ سَنَةً قَوْلُهُ: (وَيْلٌ لِلْعُرَفَاءِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَالْفَاءِ جَمْعُ عَرِيفٍ

قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَهُوَ الْقَيِّمُ بِأُمُورِ الْقَبِيلَةِ وَالْجَمَاعَةِ مِنْ النَّاسِ يَلِيَ أُمُورَهُمْ وَيَتَعَرَّفُ الْأَمِيرُ مِنْهُ أَحْوَالَهُمْ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، وَالْعَرَافَةُ عَمَلُهُ. وَسَبَبُ الْوَعِيدِ لَهَذِهِ الطَّوَائِفِ الثَّلَاثِ وَهُمْ الْأُمَرَاءُ وَالْعُرَفَاءُ وَالْأُمَنَاءُ أَنَّهُمْ يَقْبَلُونَ وَيُطَاعُونَ فِيمَا يَأْتُونَ بِهِ فَإِذَا جَارُوا عَلَى الرَّعَايَا جَارُوا وَهُمْ قَادِرُونَ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِتَشْدِيدِ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ حَقَّ شُكْرِ النِّعْمَةِ الَّتِي امْتَازُوا بِهَا عَلَى غَيْرِهِمْ أَنْ يَعْدِلُوا وَيَسْتَعْمِلُوا الشَّفَقَةَ وَالرَّأْفَةَ قَوْلُهُ

(أَوْ أَوْبَقَهُ إثْمُهُ) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْقَافِ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: يُقَالُ وَبَقَ يَبِقُ، وَوَبَقَ يُوبِقُ: إذَا هَلَكَ وَأَوْبَقَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ مُوبَقٌ قَوْلُهُ: (وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ: أَيْ أَنَّ يَدَيْهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِصِفَةِ الْكَمَالِ لَا نَقْصَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الشِّمَالَ تَنْقُصُ عَنْ الْيَمِينِ. وَكُلُّ مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ مِنْ إضَافَةِ الْيَدِ وَالْأَيْدِي وَالْيَمِينِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>