للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَعَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ أَشَارَ إلَيْهِمَا التِّرْمِذِيُّ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: يُنْظَرُ مَنْ خَرَّجَهُمَا.

وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ وَالْبَزَّارُ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي مَرْيَمَ الْأَزْدِيِّ مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ «مَنْ تَوَلَّى شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَاحْتَجَبَ عَنْ حَاجَتِهِمْ وَفَقِيرِهِمْ احْتَجَبَ اللَّهُ دُونَ حَاجَتِهِ» قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: إنَّ سَنَدَهُ جَيِّدٌ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ بِلَفْظِ «أَيُّمَا أَمِيرٍ احْتَجَبَ عَنْ النَّاسِ فَأَهَمَّهُمْ احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ قَوْلُهُ: (عَلَى الرَّاشِي) هُوَ دَافِعُ الرِّشْوَةِ، وَالْمُرْتَشِي: الْقَابِضُ لَهَا، وَالرَّائِشُ: هُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْبَابِ قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: وَيَدْخُلُ فِي إطْلَاقِ الرِّشْوَةِ لِلْحَاكِمِ وَالْعَامِلِ عَلَى أَخْذِ الصَّدَقَاتِ وَهِيَ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ اهـ.

قَالَ الْإِمَامُ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ مِنْهُ: مَسْأَلَةُ: وَتَحْرُمُ رِشْوَةُ الْحَاكِمِ إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ " قَالَ الْإِمَامُ يَحْيَى: وَيَفْسُقُ لِلْوَعِيدِ. وَالرَّاشِي إنْ طَلَبَ بَاطِلًا عَمَّهُ الْخَبَرُ. قَالَ الْمَنْصُورُ بِاَللَّهِ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: وَإِنْ طَلَبَ بِذَلِكَ حَقًّا مُجْمَعًا عَلَيْهِ جَازَ. قِيلَ: وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْمَنْعُ لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَالْبَاطِلِ إذْ لَا تَأْثِيرَ لِحُكْمِهِ اهـ. قُلْت: وَالتَّخْصِيصُ لِطَالِبِ الْحَقِّ بِجَوَازِ تَسْلِيمِ الرِّشْوَةِ مِنْهُ لِلْحَاكِمِ لَا أَدْرِي بِأَيِّ مُخَصَّصٍ، فَالْحَقُّ التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا أَخْذًا بِعُمُومِ الْحَدِيثِ، وَمَنْ زَعَمَ الْجَوَازَ فِي صُورَةٍ مِنْ الصُّوَرِ فَإِنْ جَاءَ بِدَلِيلٍ مَقْبُولٍ وَإِلَّا كَانَ تَخْصِيصُهُ رَدًّا عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي مَالِ الْمُسْلِمِ التَّحْرِيمُ: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨] لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِطِيبَةٍ مِنْ نَفْسِهِ " وَقَدْ انْضَمَّ إلَى هَذَا الْأَصْلِ كَوْنُ الدَّافِعِ إنَّمَا دَفَعَهُ لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: إمَّا لِيَنَالَ بِهِ حُكْمَ اللَّهِ إنْ كَانَ مُحِقًّا وَذَلِكَ لَا يَحِلُّ لِأَنَّ الْمَدْفُوعَ فِي مُقَابَلَةِ أَمْرٍ وَاجِبٍ أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْحَاكِمِ الصَّدْعَ بِهِ، فَكَيْفَ لَا يَفْعَلُ حَتَّى يَأْخُذَ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ الْحُطَامِ وَإِنْ كَانَ الدَّفْعُ لِلْمَالِ مِنْ صَاحِبِهِ لِيَنَالَ بِهِ خِلَافَ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ إنْ كَانَ مُبْطِلًا فَذَلِكَ أَقْبَحُ لِأَنَّهُ مَدْفُوعٌ فِي مُقَابَلَةِ أَمْرٍ مَحْظُورٍ فَهُوَ أَشَدُّ تَحْرِيمًا مِنْ الْمَالِ الْمَدْفُوعِ لِلْبَغْيِ فِي مُقَابَلَةِ الزِّنَا بِهَا؛ لِأَنَّ الرِّشْوَةَ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى أَكْلِ مَالِ الْغَيْرِ الْمُوجِبِ لِإِحْرَاجِ صَدْرِهِ وَالْإِضْرَارِ بِهِ بِخِلَافِ الْمَدْفُوعِ إلَى الْبَغْيِ، فَالتَّوَسُّلُ بِهِ إلَى شَيْءٍ مُحَرَّمٍ وَهُوَ الزِّنَا لَكِنَّهُ مُسْتَلَذٌّ لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِهِ، وَهُوَ أَيْضًا ذَنْبٌ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ، وَهُوَ أَسْمَحُ الْغُرَمَاءِ لَيْسَ بَيْنَ الْعَاصِي وَبَيْنَ الْمَغْفِرَةِ إلَّا التَّوْبَةُ، مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ الْأَمْرَيْنِ بَوْنٌ بَعِيدٌ

وَمِنْ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى تَحْرِيمِ الرِّشْوَةِ مَا حَكَاهُ ابْنُ رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ عَنْ الْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُمَا فَسَّرَا قَوْله تَعَالَى: {أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: ٤٢] بِالرِّشْوَةِ. وَحُكِيَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ لَمَّا سُئِلَ عَنْ السُّحْتِ: أَهُوَ الرِّشْوَةُ؟ فَقَالَ: لَا {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: ٤٤] وَالظَّالِمُونَ، وَالْفَاسِقُونَ وَلَكِنَّ السُّحْتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>