٤٥٣ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةً بِالْعَتَمَةِ فَنَادَى عُمَرُ: نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَا يَنْتَظِرُهَا غَيْرُكُمْ وَلَمْ تُصَلَّ يَوْمئِذٍ إلَّا بِالْمَدِينَةِ ثُمَّ قَالَ: صَلُّوهَا فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ)
ــ
[نيل الأوطار]
يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ مَنْ قَالَ: " إنَّ الشَّفَقَ الْحُمْرَةُ " وَهُمْ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعُبَادَةُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالْقَاسِمُ وَالْهَادِي وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ وَأَبُو طَالِبٍ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالنَّاصِرُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ. وَالْخَلِيلُ وَالْفَرَّاءُ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ.
قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الشَّفَقُ: الْحُمْرَةُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَبْيَضَ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْمُزَنِيِّ وَبِهِ قَالَ الْبَاقِرُ: بَلْ هُوَ الْأَبْيَضُ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} [الإسراء: ٧٨] وَلَا غَسَقَ قَبْلَ ذَهَابِ الْبَيَاضِ، وَرُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَانِعٍ كَالنُّجُومِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: الْأَحْمَرُ فِي الصَّحَارِي وَالْأَبْيَضُ فِي الْبُنْيَانِ وَذَلِكَ قَوْلٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَمِنْ حُجَجِ الْأَوَّلِينَ مَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ صَلَّى الْعِشَاءَ لِسُقُوطِ الْقَمَرِ لِثَالِثَةِ الشَّهْرِ» أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهُوَ صَحِيحٌ وَصَلَّى قَبْلَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ. قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ: وَقَدْ عَلِمَ كُلُّ مَنْ لَهُ عِلْمٌ بِالْمَطَالِعِ وَالْمَغَارِبِ أَنَّ الْبَيَاضَ لَا يَغِيبُ إلَّا عِنْدَ ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الَّذِي حَدَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - خُرُوجُ أَكْثَرِ الْوَقْتِ بِهِ فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّ وَقْتَهَا دَاخِلٌ قَبْلَ ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ بِيَقِينٍ، فَقَدْ ثَبَتَ بِالنَّصِّ أَنَّهُ دَاخِلٌ قَبْل مَغِيبِ الشَّفَقِ الَّذِي هُوَ الْبَيَاضُ، فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ يَقِينًا أَنَّ الْوَقْتَ دَخَلَ بِالشَّفَقِ الَّذِي هُوَ الْحُمْرَةُ انْتَهَى.
وَابْتِدَاءُ وَقْتِ الْعِشَاءِ مَغِيبَ الشَّفَقِ إجْمَاعًا لِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ وَفِي حَدِيثِ التَّعْلِيمِ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَأَمَّا آخِرُهُ فَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِيهِ.
٤٥٣ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةً بِالْعَتَمَةِ فَنَادَى عُمَرُ: نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَا يَنْتَظِرُهَا غَيْرُكُمْ وَلَمْ تُصَلَّ يَوْمئِذٍ إلَّا بِالْمَدِينَةِ ثُمَّ قَالَ: صَلُّوهَا فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ) . الْحَدِيثُ رِجَالُ إسْنَادِهِ فِي سُنَنِ النَّسَائِيّ رِجَالُ الصَّحِيحِ إلَّا شَيْخَ النَّسَائِيّ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ وَهُوَ صَدُوقٌ. وَالْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهَا بِنَحْوِ هَذَا اللَّفْظِ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَشَارَ إلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ مُسْلِمٍ. وَعَنْ مُعَاذٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد. وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَوَاهُ الْخَلَّالُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عِنْدَ الْبَزَّارِ. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَعَائِشَةَ وَأَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: (أَعْتَمَ) أَيْ دَخَلَ فِي الْعَتَمَةِ وَمَعْنَاهَا أَخَّرَهَا. وَالْعَتَمَةُ لُغَةً: حَلَبَ بَعْدَ هَوِيٍّ مِنْ اللَّيْلِ بُعْدًا مِنْ الصَّعَالِيكِ. وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا صَلَاةَ الْعِشَاءِ وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِوُقُوعِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.
وَفِي الْقَامُوسِ وَالْعَتَمَةُ مُحَرَّكَةً: ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ بَعْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ أَوْ