للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٥٤ - (وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ)

٤٥٥ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانُوا يُصَلُّونَ الْعَتَمَةَ فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ» . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ)

٤٥٦ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُؤَخِّرُوا الْعِشَاءَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ)

ــ

[نيل الأوطار]

وَقْتِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ اهـ. وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ الْأَفْضَلُ تَقْدِيمُهَا أَمْ تَأْخِيرُهَا، وَهُمَا مَذْهَبَانِ مَشْهُورَانِ لِلسَّلَفِ وَقَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ

فَذَهَبَ فَرِيقٌ إلَى تَفْضِيلِ التَّأْخِيرِ مُحْتَجًّا بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَذَهَبَ فَرِيقٌ آخَرُ إلَى تَفْضِيلِ التَّقْدِيمِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ الْعَادَةَ الْغَالِبَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِيَ التَّقْدِيمُ، وَإِنَّمَا أَخَّرَهَا فِي أَوْقَاتٍ يَسِيرَةٍ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَالشُّغْلِ وَالْعُذْرِ، وَلَوْ كَانَ تَأْخِيرُهَا أَفْضَلُ لَوَاظَبَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَشَقَّةٌ. وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا مُجَرَّدُ الْفِعْلِ لَهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِوُرُودِ الْأَقْوَالِ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَفِيهَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ التَّأْخِيرِ وَعَلَى أَنَّ تَرْكَ الْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ كَمَا صَرَّحَتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ، وَأَفْعَالُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تُعَارِضُ هَذِهِ الْأَقْوَالَ. وَأَمَّا مَا وَرَدَ مِنْ أَفْضَلِيَّةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ عَلَى الْعُمُومِ فَأَحَادِيثُ هَذَا الْبَابِ خَاصَّةٌ، فَيَجِبُ بِنَاؤُهُ عَلَيْهَا، وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ تُصَلَّ يَوْمئِذٍ إلَّا بِالْمَدِينَةِ) أَيْ لَمْ تُصَلَّ بِالْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ إلَّا بِالْمَدِينَةِ ذَكَرَ مَعْنَاهُ فِي الْفَتْحِ.

قَوْلُهُ: (فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ) . . . إلَخْ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ تَحْدِيدَ أَوَّلِ وَقْتِ الْعِشَاءِ بِغَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الْخِلَافُ هَلْ هُوَ الْأَحْمَرُ أَوْ الْأَبْيَضُ وَقَدْ سَلَفَ مَا هُوَ الْحَقُّ.

٤٥٤ - (وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ)

٤٥٥ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانُوا يُصَلُّونَ الْعَتَمَةَ فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ» . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ) .

٤٥٦ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُؤَخِّرُوا الْعِشَاءَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) .

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ مُطْلَقِ التَّأْخِيرِ لِلْعِشَاءِ وَجَوَازِ وَصْفِهَا بِالْآخِرَةِ وَأَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْأَصْمَعِيِّ الْكَرَاهَةُ. وَالْحَدِيثُ الثَّانِي يَدُلُّ اسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِهَا أَيْضًا وَامْتِدَادِ وَقْتِهَا إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ. وَالْحَدِيثُ الثَّالِثُ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ تَرْكَ التَّأْخِيرِ إنَّمَا هُوَ لِلْمَشَقَّةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>