للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الْأَحْكَامِ: وَقَدْ صَحَّ لَنَا أَنَّ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُؤَذَّنُ بِهَا وَلَمْ تُطْرَحْ إلَّا فِي زَمَنِ عُمَرَ، وَهَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ فِي جَامِعِ آلِ مُحَمَّدٍ، وَبِمَا أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُؤَذِّنُ بِحَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ أَحْيَانًا وَرَوَى فِيهَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنُ أَنَّهُ قَالَ هُوَ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ وَرَوَى الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي أَحْكَامِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّهُ أَذَّنَ بِذَلِكَ، قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: رَوَاهُ ابْنُ حَزْمٍ وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنِ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ الْبَدْرِيِّ، وَلَمْ يَرْوِ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ أَهْلِ الْبَيْتِ مَرْفُوعًا.

وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: وَقَدْ صَحَّحَ ابْنُ حَزْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ثُبُوتَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا لَيْسَ بِصَحِيحٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ مَرْفُوعًا قَوْلَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ هُوَ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي أُمَامَةَ الرَّفْعُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ أَدِلَّةِ إثْبَاتِهِ بِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ بِذِكْرِ أَلْفَاظِ الْأَذَانِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ دَوَاوِينِ الْحَدِيثِ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ ذَلِكَ، قَالُوا: وَإِذَا صَحَّ مَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ فَهُوَ مَنْسُوخٌ بِأَحَادِيثِ الْأَذَانِ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِيهَا. وَقَدْ أَوْرَدَ الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثًا فِي نَسْخِ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ مِنْ طَرِيقٍ لَا يَثْبُتُ النَّسْخُ بِمِثْلِهَا.

وَفِي الْحَدِيثِ إفْرَادُ الْإِقَامَةِ إلَّا التَّكْبِيرَ فِي أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا وَقَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ، وَمَا هُوَ الْحَقُّ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَنَسٍ الْآتِي بَعْدَ هَذَا. قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: (أَنْ يَضْرِبَ بِالنَّاقُوسِ) هُوَ الَّذِي تَضْرِبُ بِهِ النَّصَارَى لِأَوْقَاتِ صَلَاتِهِمْ، وَجَمْعُهُ نَوَاقِيسُ، وَالنَّقْسُ ضَرْبُ النَّاقُوسِ

قَوْلُهُ: (حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ) اسْمُ فِعْلٍ مَعْنَاهُ أَقْبِلُوا إلَيْهَا وَهَلُمُّوا إلَى الْفَوْزِ وَالنَّجَاةِ وَفُتِحَتْ الْيَاءُ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ الْيَاءِ السَّابِقَةِ الْمُدْغَمَةِ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ) أَيْ أَحْسَنُ صَوْتًا مِنْك.

وَفِيهِ دَلِيلُ اسْتِحْبَابِ اتِّخَاذِ مُؤَذِّنٍ حَسَنِ الصَّوْتِ.

وَقَدْ أَخْرَجَ الدَّارِمِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ بِأَبِي مَحْذُورَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِنَحْوِ عِشْرِينَ رَجُلًا فَأَذَّنُوا فَأَعْجَبَهُ صَوْتُ أَبِي مَحْذُورَةَ فَعَلَّمَهُ الْأَذَانَ» . وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى. وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارَ: كَانَ أَبُو مَحْذُورَةَ أَحْسَنَ النَّاسِ صَوْتًا وَأَذَانًا. وَلِبَعْضِ شُعَرَاءِ قُرَيْشٍ فِي أَذَانِ أَبِي مَحْذُورَةَ

أَمَا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ الْمَسْتُورَهْ ... وَمَا تَلَا مُحَمَّدٌ مِنْ سُوَرَهْ

وَالنَّغَمَاتِ مِنْ أَبِي مَحْذُورَهْ ... لَأَفْعَلَنَّ فَعْلَةً مَذْكُورَهْ

وَفِي رِوَايَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ بِلَفْظِ: «فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَإِنَّهُ أَنْدَى أَوْ أَمَدُّ صَوْتًا مِنْكَ فَأَلْقِ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>