للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٩١ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ إلَّا الْإِقَامَةَ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ)

ــ

[نيل الأوطار]

مَا قِيلَ لَكَ» وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: أَوْ أَمَدُّ صَوْتًا مِنْك أَيْ أَرْفَعُ صَوْتًا مِنْك، وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ بَابًا بَعْدَ هَذَا الْبَابِ. .

٤٩١ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ إلَّا الْإِقَامَةَ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ) . وَلَيْسَ فِيهِ لِلنَّسَائِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ إلَّا الْإِقَامَةَ.

قَوْلُهُ: (أُمِرَ بِلَالٌ) هُوَ فِي مُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ. وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْأُصُولِ وَالْحَدِيثِ فِي اقْتِضَاءِ هَذِهِ الصِّيغَةِ لِلرَّفْعِ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ مُحَقِّقِي الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا تَقْتَضِيهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآمِرِ مَنْ لَهُ الْأَمْرُ الشَّرْعِيُّ الَّذِي يَلْزَمُ اتِّبَاعُهُ، وَهُوَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا سِيَّمَا فِي أُمُورِ الْعِبَادَةِ، فَإِنَّهَا إنَّمَا تُؤْخَذُ عَنْ تَوْقِيفٍ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ رَوْحٍ عَنْ عَطَاءٍ: " فَأَمَرَ بِلَالًا " بِالنَّصْبِ، وَفَاعِلُ أَمَرَ هُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ رِوَايَةُ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بِلَفْظِ: " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِلَالًا "

قَالَ الْحَاكِمُ: صَرَّحَ بِرَفْعِهِ إمَامُ الْحَدِيثِ بِلَا مُدَافَعَةٍ قُتَيْبَةُ، قَالَ الْحَافِظُ: لَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدَانَ الْمَرْوَزِيِّ وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَطَرِيقِ يَحْيَى عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضًا، وَلَمْ يَتَفَرَّدْ عَبْدُ الْوَهَّابِ. وَقَدْ رَوَاهُ الْبَلَاذِرِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي شِهَابٍ الْحَنَّاطِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، وَقَضِيَّةُ وُقُوعِ ذَلِكَ عَقِبَ الْمُشَاوَرَةِ فِي أَمْرِ النِّدَاءِ، وَالْآمِرُ بِذَلِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ غَيْرِ شَكٍّ.

وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِيهِ بِالسَّنَدِ الصَّحِيحِ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ» لَا مَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ أَنَّ الْآمِرَ لِبِلَالٍ بِذَلِكَ كَانَ مَنْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ مِنْ الْمَنْقُولِ أَنَّ بِلَالًا لَمْ يُؤَذِّنْ لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا لِأَبِي بَكْرٍ، وَقِيلَ: لَمْ يُؤَذِّنْ لِأَحَدٍ بَعْدَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً بِالشَّامِ

قَوْلُهُ: (أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ يَأْتِي بِأَلْفَاظِهِ شَفْعًا، وَهُوَ مُفَسَّرٌ بِقَوْلِهِ: " مَثْنَى مَثْنَى ". قَالَ الْحَافِظُ: لَكِنْ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي أَنَّ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ الَّتِي فِي آخِرِهِ مُفْرَدَةٌ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ: مَثْنَى عَلَى مَا سِوَاهَا انْتَهَى. فَتَكُونُ أَحَادِيثُ تَشْفِيعِ الْأَذَانِ وَتَثْنِيَتِهِ مُخَصَّصَةً بِالْأَحَادِيثِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِيهَا كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ مَرَّةً وَاحِدَةً، كَحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَنَحْوِهِ

قَوْلُهُ: (إلَّا الْإِقَامَةَ) ادَّعَى ابْنُ مَنْدَهْ وَالْأَصِيلِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ: " إلَّا الْإِقَامَةَ " مِنْ كَلَامِ أَيُّوبَ وَلَيْسَ مِنْ الْحَدِيثِ، وَفِيمَا قَالَاهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّزَّاقِ رَوَاهُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ بِسَنَدِهِ مُتَّصِلًا بِالْخَبَرِ مُفَسَّرًا، وَكَذَا أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالسَّرَّاجُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ الْخَبَرِ فَهُوَ مِنْهُ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ وَلَا دَلِيلَ.

وَفِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ زِيَادَةٌ مِنْ حَافِظٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>