للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الرُّخْصَةِ فِي اللِّبَاسِ الْجَمِيلِ وَاسْتِحْبَابِ التَّوَاضُعِ فِيهِ وَكَرَاهَةِ الشُّهْرَةِ وَالْإِسْبَالِ

٥٨٢ - (عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ فَقَالَ رَجُلٌ إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنًا،

ــ

[نيل الأوطار]

رَأْسِهِ فَلَبِسَ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ مَا يُنَاسِبُهُ اهـ.

وَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: «عَمَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَدَلَهَا بَيْنَ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي» . وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «عَمَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَأَرْخَى لَهُ أَرْبَعَ أَصَابِعَ» وَفِي إسْنَادِهِ الْمِقْدَامُ بْنُ دَاوُد وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمَّمَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَأَرْسَلَ مِنْ خَلْفِهِ أَرْبَعَ أَصَابِعَ أَوْ نَحْوَهَا ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا فَاعْتَمَّ فَإِنَّهُ أَعْرَبُ وَأَحْسَنُ» قَالَ السُّيُوطِيّ: وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا اعْتَمَّ أَرْخَى عِمَامَتَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ» ، وَفِي إسْنَادِهِ الْحَجَّاجُ بْنُ رِشْدِينَ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا فِي الْكَبِيرِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَلَّمَا يُوَلِّي وَالِيَا حَتَّى يُعَمِّمَهُ وَيُرْخِيَ لَهَا مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ نَحْوَ الْأُذُنِ» وَفِي إسْنَادِهِ جُمَيْعُ بْنُ ثَوْبَانَ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

قِيلَ: وَيَحْرُمُ إطَالَةُ الْعَذَبَةِ طُولًا فَاحِشًا وَلَا مُقْتَضَى لِلْجَزْمِ بِالتَّحْرِيمِ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: يَجُوزُ لُبْسُ الْعِمَامَةِ بِإِرْسَالِ طَرَفِهَا وَبِغَيْرِ إرْسَالِهِ وَلَا كَرَاهَةَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَمْ يَصِحَّ فِي النَّهْيِ عَنْ تَرْكِ إرْسَالِهَا شَيْءٌ، وَإِرْسَالُهَا إرْسَالًا فَاحِشًا كَإِرْسَالِ الثَّوْبِ يَحْرُمُ لِلْخُيَلَاءِ وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهِ انْتَهَى. وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ قَدْ أَرْخَاهَا مِنْ خَلْفِهِ نَحْوًا مِنْ ذِرَاعٍ.

وَرَوَى سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ رِشْدِينَ قَالَ: رَأَيْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ وَيُرْخِيهَا شِبْرًا أَوْ أَقَلَّ مِنْ شِبْرٍ. قَالَ السُّيُوطِيّ فِي الْحَاوِي فِي الْفَتَاوَى: وَأَمَّا مِقْدَارُ الْعِمَامَةِ الشَّرِيفَةِ فَلَمْ يَثْبُتْ فِي حَدِيثٍ وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ ابْنِ سَلَامٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ: «سَأَلْت ابْنَ عُمَرَ كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْتَمُّ؟ قَالَ: كَانَ يُدِيرُ الْعِمَامَةَ عَلَى رَأْسِهِ وَيُقَوِّرُهَا مِنْ وَرَائِهِ، وَيُرْسِلُ لَهَا ذُؤَابَةً بَيْنَ كَتِفَيْهِ» ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا عِدَّةُ أَذْرُعٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَانَتْ نَحْوَ عَشَرَةٍ أَوْ فَوْقَهَا بِيَسِيرٍ انْتَهَى.

وَلَا أَدْرِي مَا هَذَا الظَّاهِرُ الَّذِي زَعَمَهُ فَإِنْ كَانَ الظُّهُورُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي سَاقَهُ بِاعْتِبَارِ مَا فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الْإِدَارَةِ وَالتَّقْوِيرِ وَإِرْسَالِ الذُّؤَابَةِ فَهَذِهِ الْأَوْصَافُ تَحْصُلُ فِي عِمَامَةٍ دُونَ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ فَمَا هُوَ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِعَدَمِ ثُبُوتِ مِقْدَارِهَا فِي حَدِيثٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>