للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: «عَمَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَدَلَهَا مِنْ بَيْنَ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي» وَالرَّاوِي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو دَاوُد اسْمَهُ.

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ إلَى خَيْبَرَ فَعَمَّمَهُ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ ثُمَّ أَرْسَلَهَا مِنْ وَرَائِهِ أَوْ قَالَ عَلَى كَتِفِهِ الْيُسْرَى» وَحَسَّنَهُ السُّيُوطِيّ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ مَوْلًى يُقَالُ لَهُ هُرْمُزُ قَالَ: " رَأَيْت عَلِيًّا عَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ قَدْ أَرْخَاهَا مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ ". قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ عِنْدِ ذِكْرِ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَهِيَ الَّتِي صَارَتْ شِعَارَ الصَّالِحِينَ الْمُتَمَسِّكِينَ بِالسُّنَّةِ، يَعْنِي إرْسَالَ الْعِمَامَةِ عَلَى الصَّدْرِ. وَقَالَ: وَفِي الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنْ الْعِمَامَةِ الْمُقَعَّطَةِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْغَرِيبِ: الْمُقَعَّطَةُ الَّتِي لَا ذُؤَابَةَ لَهَا وَلَا حَنَكَ. قِيلَ: الْمُقَعَّطَةُ عِمَامَةُ إبْلِيسَ، وَقِيلَ: عِمَامَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ. وَوَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الْعِمَامَةِ الَّتِي لَيْسَتْ مُحَنَّكَةً وَلَا ذُؤَابَةَ لَهَا فَالْمُحَنَّكَةُ مِنْ حَنَكِ الْفَرَسِ إذَا جُعِلَ لَهُ فِي حَنَكِهِ الْأَسْفَلِ مَا يَقُودُهُ بِهِ هَذَا مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ رَسْلَانَ. وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْغَرِيبِ فِي حَدِيثٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِالتَّلَحِّي وَنَهَى عَنْ الِاقْتَعَاطِ» إنَّ الْمُقَعَّطَةَ هِيَ الَّتِي لَمْ يُجْعَلْ مِنْهَا تَحْتَ الْحَنَكِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ فِي حَدِيثِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الِاقْتَعَاطِ وَأَمَرَ بِالتَّلَحِّي» إنَّ الِاقْتَعَاطَ أَنْ لَا يَجْعَلَ تَحْتَ الْحَنَكِ مِنْ الْعِمَامَةِ شَيْئًا، وَالتَّلَحِّي جَعْلُ بَعْضِ الْعِمَامَةِ تَحْتَ الْحَنَكِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ: الِاقْتَعَاطُ شَدُّ الْعِمَامَةِ عَلَى الرَّأْسِ مِنْ غَيْرِ إرَادَةٍ تَحْتَ الْحَنَكِ، وَالتَّلَحِّي تَطْوِيفُ الْعِمَامَةِ تَحْتَ الْحَنَكِ، وَهَكَذَا فِي الْقَامُوسِ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الطُّرْطُوشِيُّ: اقْتِعَاطُ الْعَمَائِمِ هُوَ التَّعْمِيمُ دُونَ حَنَكٍ وَهُوَ بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ، وَقَدْ شَاعَتْ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي كِتَابِ الْوَاضِحَةِ: إنَّ تَرْكَ الِالْتِحَاءِ مِنْ بَقَايَا عَمَائِمِ قَوْمِ لُوطٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: أَدْرَكْت فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعِينَ مُحَنَّكًا وَإِنَّ أَحَدَهُمْ لَوْ ائْتَمَنَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ لَكَانَ بِهِ أَمِينًا. وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي كِتَابِ الْمَعُونَةِ لَهُ: وَمِنْ الْمَكْرُوهِ مَا خَالَفَ زِيَّ الْعَرَبِ وَأَشْبَهَ زِيَّ الْعَجَمِ كَالتَّعْمِيمِ بِغَيْرِ حَنَكٍ. وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: مَا أَفْتَى مَالِكٌ حَتَّى أَجَازَهُ أَرْبَعُونَ مُحَنَّكًا. وَقَدْ رُوِيَ التَّحَنُّكُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ.

وَرُوِيَ النَّهْيُ عَنْ الِاقْتِعَاطِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ وَكَانَ طَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ يَقُولَانِ: إنَّ الِاقْتِعَاطَ عِمَامَةُ الشَّيْطَانِ فَيُنْظَرُ فِيمَا نَقَلَهُ ابْنُ رَسْلَانَ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مِنْ أَنَّ الْمُقَعَّطَةَ هِيَ الَّتِي لَا ذُؤَابَةَ لَهَا. وَقَدْ اسْتَدَلَّ عَلَى جَوَازِ تَرْكِ الذُّؤَابَةِ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ بِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنِ مَاجَهْ بِلَفْظِ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ» بِدُونِ ذِكْرِ الذُّؤَابَةِ. قَالَ: فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الذُّؤَابَةَ لَمْ يَكُنْ يُرْخِيهَا دَائِمًا بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ أُهْبَةُ الْقِتَالِ وَالْمِغْفَرُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>