للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

إلَيَّ مَصْرُورَةً فِي يَدِ الْغُلَامِ فَقَالَ: اغْسِلِي هَذِهِ وَأَجَفِّيهَا ثُمَّ أَرْسِلِي بِهَا إلَيَّ فَدَعَوْت بِقَصْعَتِي فَغَسَلْتهَا ثُمَّ أَجْفَيْتهَا ثُمَّ أَخْرَجْتهَا فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَلَيْهِ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد. وَيُجَابُ عَنْهُ أَوَّلًا بِأَنَّهُ غَرِيبٌ كَمَا قَالَ الْمُنْذِرِيُّ. وَثَانِيًا بِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ الْأَمْرُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الشَّرْطِيَّةِ. وَثَالِثًا بِأَنَّهُ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ، لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ إلَيْنَا أَنَّهُ أَعَادَ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّاهَا فِي ذَلِكَ الثَّوْبِ.

وَمِنْهَا حَدِيثُ عَمَّارٍ بِلَفْظِ: «إنَّمَا تَغْسِلُ ثَوْبَك مِنْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالْقَيْءِ وَالدَّمِ وَالْمَنِيِّ» رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ فِي مُسْنَدَيْهِمَا وَابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِمَا وَالْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ. وَيُجَابُ عَنْهُ أَوَّلًا بِأَنَّ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ ضَعَّفُوهُ وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ لِأَنَّ فِي إسْنَادِهِ ثَابِتَ بْنَ حَمَّادٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ وَمُتَّهَمٌ بِالْوَضْعِ، وَعَلِيَّ بْنَ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ حَتَّى قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ: حَدِيثٌ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ. وَثَانِيًا بِأَنَّهُ لَا يَدُلَّ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ يَغْسِلُ الثَّوْبَ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا مِنْ غَيْرِهَا. وَمِنْهَا حَدِيثُ غَسْلِ الْمَنِيِّ وَفَرْكِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ فَكَيْفَ يَدُلُّ عَلَى الشَّرْطِيَّةِ.

وَمِنْهَا حَدِيثُ «حُتِّيهِ ثُمَّ اُقْرُصِيهِ» عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ وَفِي لَفْظٍ " فَلْتَقْرُصْهُ ثُمَّ لِتَنْضَحْهُ " مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَفِي لَفْظٍ " حُكِّيهِ بِضِلَعٍ " مِنْ حَدِيثِ أُمِّ قِيسِ بِنْتِ مِحْصَنٍ وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ أَوَّلًا بِأَنَّ الدَّلِيلَ أَخَصُّ مِنْ الدَّعْوَى. وَثَانِيًا بِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى الْوُجُوبِ. وَمِنْهَا أَحَادِيثُ الْأَمْرِ بِغَسْلِ النَّجَاسَةِ كَحَدِيثِ تَعْذِيبِ مَنْ لَمْ يَسْتَنْزِهْ مِنْ الْبَوْلِ، وَحَدِيثُ الْأَمْرِ بِغَسْلِ الْمَذْيِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ.

وَيُجَابُ عَنْهَا بِأَنَّهَا أَوَامِرُ وَهِيَ لَا تَدُلُّ عَلَى الشَّرْطِيَّةِ الَّتِي هِيَ مَحِلُّ النِّزَاعِ كَمَا تَقَدَّمَ، نَعَمْ يُمْكِنُ الِاسْتِدْلَال بِالْأَوَامِرِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى الشَّرْطِيَّةِ إنْ قُلْنَا: إنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ وَإِنَّ النَّهْيَ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ وَفِي كِلَا الْمَسْأَلَتَيْنِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ فِي الْأُصُولِ لَوْلَا أَنَّ هَهُنَا مَانِعًا مِنْ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا عَلَى الشَّرْطِيَّةِ وَهُوَ عَدَمُ إعَادَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلصَّلَاةِ الَّتِي خَلَعَ فِيهَا نَعْلَيْهِ لِأَنَّ بِنَاءَهُ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْخَلْعِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الطَّهَارَةَ غَيْرُ شَرْطٍ، وَكَذَلِكَ عَدَمُ نَقْلِ إعَادَتِهِ لِلصَّلَاةِ الَّتِي صَلَّاهَا فِي الْكِسَاءِ الَّذِي فِيهِ لُمْعَةٌ مِنْ دَمٍ كَمَا تَقَدَّمَ. وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ عَلَى الشَّرْطِيَّةِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: «تُعَادُ الصَّلَاةُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ مِنْ الدَّمِ» أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ وَابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ لَوْ صَحَّ لَكَانَ صَالِحًا لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى الشَّرْطِيَّةِ الْمُدَّعَاةِ لَكِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ بَاطِلٌ لِأَنَّ فِي إسْنَادِهِ رَوْحُ بْنُ غُطَيْفٍ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَ الذُّهْلِيُّ: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَوْضُوعًا.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدِيثٌ بَاطِلٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَوْضُوعٌ وَقَالَ الْبَزَّارُ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى نَكِرَةِ هَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>